سبب نزول الآيات رقم (11 ? 1 2- 13 - 14) من سورة الحجرات
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ * يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ * قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾
النزول:
نزل قوله ﴿لا يسخر قوم من قوم﴾ في ثابت بن قيس بن شماس وكان في أذنه وقر وكان إذا دخل المسجد تفسحوا له حتى يقعد عند النبي فيسمع ما يقول فدخل المسجد يوما والناس قد فرغوا من الصلاة وأخذوا مكانهم فجعل يتخطى رقاب الناس ويقول تفسحوا تفسحوا حتى انتهى إلى رجل فقال له أصبت مجلسا فاجلس فجلس خلفه مغضبا فلما انجلت الظلمة قال من هذا قال الرجل أنا فلان فقال ثابت ابن فلانة ذكر أما له كان يعير بها في الجاهلية فنكس الرجل رأسه حياء فنزلت الآية عن ابن عباس وقوله ﴿ولا نساء من نساء﴾ نزل في نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سخرن من أم سلمة عن أنس وذلك أنها ربطت حقويها بسبيبة وهي ثوب أبيض وسدلت طرفيها خلفها فكانت تجره فقالت عائشة لحفصة انظري ما ذا تجر خلفها كأنه لسان كلب فلهذا كانت سخريتهما وقيل أنها عيرتها بالقصر وأشارت بيدها أنها قصيرة عن الحسن وقوله ﴿ولا يغتب بعضكم بعضا﴾ نزل في رجلين من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اغتابا رفيقهما وهو سلمان بعثاه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليأتي لهما بطعام فبعثه إلى أسامة بن زيد وكان خازن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على رحله فقال ما عندي شيء فعاد إليهما فقالا بخل أسامة وقالا لسلمان لو بعثناه إلى بئر سميحة لغار ماؤها ثم انطلقا يتجسسان عند أسامة ما أمر لهما به رسول الله فقال لهما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما لي أرى خضرة اللحم في أفواهكما قالا يا رسول الله ما تناولنا يومنا هذا لحما قال ظللتم تأكلون لحم سلمان وأسامة فنزلت الآية وعن أبي قلابة قال أن عمر بن الخطاب حدث أن أبا محجن الثقفي يشرب الخمر في بيته هو وأصحابه فانطلق عمر حتى دخل عليه فإذا ليس عنده إلا رجل فقال أبو محجن يا أمير المؤمنين أن هذا لا يحل لك قد نهاك الله عن التجسس فقال عمر ما يقول هذا قال زيد بن ثابت وعبد الله بن الأرقم صدق يا أمير المؤمنين قال فخرج عمر وتركه وخرج عمر بن الخطاب أيضا ومعه عبد الرحمن بن عوف يعسان فتبينت لهما نار فأتيا واستأذنا ففتح الباب فدخلا فإذا رجل وامرأة تغني وعلى يد الرجل قدح فقال عمر من هذه منك قال امرأتي قال وما في هذا القدح قال ماء فقال للمرأة ما الذي تغنين قالت أقول:
تطاول هذا الليل وأسـود جانبه
وأرقنـي ألا حبيـب ألاعبـه
فو الله لـولا خشية الله والتقى
لزعزع من هذا السرير جوانبه
ولكـن عقلي والحيـاء يكفني
وأكـرم بعلي أن تنال مراكبه
ثم قال الرجل ما بهذا أمرنا يا أمير المؤمنين قال الله تعالى ﴿ولا تجسسوا﴾ فقال عمر صدقت وانصرف وقوله ﴿يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى﴾ قيل نزلت في ثابت بن قيس بن شماس وقوله للرجل الذي لم يتفسح له ابن فلانة فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) من الذاكر فلأنه فقام ثابت فقال أنا يا رسول الله فقال أنظر في وجوه القوم فنظر إليهم فقال ما رأيت يا ثابت قال رأيت أبيض وأسود وأحمر قال فإنك لا تفضلهم إلا بالتقوى والدين فنزلت هذه الآية ﴿يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس﴾ الآية عن ابن عباس وقيل لما كان يوم فتح مكة أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بلالا حتى علا ظهر الكعبة وأذن فقال عتاب بن أسيد الحمد لله الذي قبض أبي حتى لم ير هذا اليوم وقال الحرث بن هشام أ ما وجد محمد غير هذا الغراب الأسود مؤذنا وقال سهيل بن عمرو أن يرد الله شيئا يغيره لغيره وقال أبو سفيان إني لا أقول شيئا أخاف أن يخبره به رب السماوات فأتى جبرائيل (عليه السلام) رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبره بما قالوا فدعاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسألهم عما قالوا فأقروا به ونزلت الآية وزجرهم عن التفاخر بالأنساب والإزدراء بالفقر والتكاثر بالأموال عن مقاتل.