كان:

 

كان عبارة عما مضى من الزمان وفى كثير من وصف الله تعالى تنبئ عن معنى الأزلية، قال ﴿وكان الله بكل شئ عليما - وكان الله على كل شئ قديرا﴾ وما استعمل منه في جنس الشئ متعلقا بوصف له هو موجود فيه فتنبيه على أن ذلك الوصف لازم له، قليل الانفكاك منه نحو قوله في الانسان ﴿وكان الانسان كفورا - وكان الانسان قتورا - وكان الانسان أكثر شئ جدلا﴾ فذلك تنبيه على أن ذلك الوصف لازم له قليل الانفكاك منه، وقوله في وصف الشيطان ﴿وكان الشيطان للانسان خذولا - وكان الشيطان لربه كفورا﴾ وإذا استعمل في الزمان الماضي فقد يجوز أن يكون المستعمل فيه بقي على حالته كما تقدم ذكره آنفا، ويجوز أن يكون قد تغير نحو كان فلان كذا ثم صار كذا ولا فرق بين أن يكون الزمان المستعمل فيه كان قد تقدم تقدما كثيرا نحو أن تقول: كان في أول ما أوجد الله تعالى، وبين أن يكون في زمان قد تقدم بآن واحد عن الوقت الذي استعملت فيه كان نحو أن تقول كان آدم كذا، وبين أن يقال كان زيد ههنا، ويكون بينك وبين ذلك الزمان أدنى وقت ولهذا صح أن يقال ﴿كيف نكلم من كان في المهد صبيا﴾ فأشار بكان أن عيسى وحالته التي شاهده عليها قبيل.

 

وليس قول من قال هذا إشارة إلى الحال بشئ لان ذلك إشارة إلى ما تقدم لكن إلى زمان يقرب من زمان قولهم هذا.

 

وقوله: ﴿كنتم خير أمة﴾ فقد قيل معنى كنتم معنى الحال وليس ذلك بشئ بل إنما ذلك إشارة إلى أنكم كنتم كذلك في تقدير الله تعالى وحكمه، وقوله: ﴿وإن كان ذو عسرة﴾ فقد قيل معناه حصل ووقع، والكون يستعمله بعض الناس في استحالة جوهر إلى ما هو دونه وكثير من المتكلمين يستعملونه في معنى الابداع.

 

وكينونة عند بعض النحويين فعلولة وأصله كونونة وكرهوا الضمة والواو فقلبوا، وعند سيبويه كيونونة على وزن فيعلولة، ثم أدغم فصار كينونة ثم حذف فصار كينونة كقولهم في ميت ميت وأصل ميت ميوت ولم يقولوا كينونة على الأصل كما قالوا ميت لثقل لفظها.

 

والمكان قيل أصله من كان يكون فلما كثر في كلامهم توهمت الميم أصلية فقيل تمكن كما قيل في المسكين تمسكن، واستكان فلان تضرع وكأنه سكن وترك الدعة لضراعته، قال: ﴿فما استكانوا لربهم﴾.