كره:

 

قيل الكره والكره واحد نحو: الضعف والضعف، وقيل الكره المشقة التي تنال الانسان من خارج فيما يحمل عليه بإكراه، والكره ما يناله من ذاته وهو يعافه، وذلك على ضربين، أحدهما: ما يعاف من حيث الطبع والثاني ما يعاف من حيث العقل أو الشرع، ولهذا يصح أن يقول الانسان في الشئ الواحد إني أريده وأكرهه بمعنى أنى أريده من حيث الطبع وأكرهه من حيث العقل أو الشرع، أو أريده من حيث العقل أو الشرع وأكرهه من حيث الطبع، وقوله: ﴿كتب عليكم القتال وهو كره لكم﴾ أي تكرهونه من حيث الطبع ثم بين ذلك بقوله ﴿وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم﴾ أنه لا يجب للانسان أن يعتبر كراهيته للشئ أو محبته له حتى يعلم حاله.

 

وكرهت يقال فيهما جميعا إلا أن استعماله في الكره أكثر، قال تعالى: ﴿ولو كره الكافرون - ولو كره المشركون - وإن فريقا من المؤمنين لكارهون﴾، وقوله: ﴿أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه﴾ تنبيه أن أكل لحم الأخ شئ قد جبلت النفس على كراهتها له وإن تحراه الانسان، وقوله: ﴿لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها﴾ وقرئ كرها، والا كراه يقال في حمل الانسان على ما يكرهه وقوله: ﴿ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء﴾ فنهى عن حملهن على ما فيه كره وكره، وقوله ﴿لا إكراه في الدين﴾ فقد قيل كان ذلك في ابتداء الاسلام فإنه كان يعرض على الانسان الاسلام فإن أجاب وإلا ترك.

 

والثاني: أن ذلك في أهل الكتاب فإنهم إن أرادوا الجزية والتزموا الشرائط تركوا.

 

والثالث: أنه لا حكم لمن أكره على دين باطل فاعترف به ودخل فيه كما قال: ﴿إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان﴾.

 

الرابع: لا اعتداد في الآخرة بما يفعل الانسان في الدنيا من الطاعة كرها فإن الله تعالى يعتبر السرائر ولا يرضى إلا الاخلاص ولهذا قال عليه الصلاة والسلام " الأعمال بالنيات " وقال: " أخلص يكفك القليل من العمل " الخامس: معناه لا يحمل الانسان على أمر مكروه في الحقيقة مما يكلفهم الله بل يحملون على نعيم الأبد، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام " عجب ربكم من قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل " السادس: أن الدين الجزاء، معناه أن الله ليس بمكره على الجزاء بل يفعل ما يشاء بمن يشاء كما يشاء وقوله: ﴿أفغير دين الله يبغون﴾ إلى قوله: ﴿طوعا وكرها﴾ قيل معناه أسلم من في السماوات طوعا ومن في الأرض كرها أي الحجة أكرهتهم وألجأتهم كقولك الدلالة أكرهتني على القول بهذه المسألة وليس هذا من الكره المذموم.

 

الثاني: أسلم المؤمنون طوعا والكافرون كرها إذ لم يقدروا أن يمتنعوا عليه بما يريد بهم ويقضيه عليهم.

 

الثالث: عن قتادة أسلم المؤمنون طوعا والكافرون كرها عند الموت حيث قال

 

﴿فلم يك ينفعهم إيمانهم﴾ الآية.

 

الرابع: عنى بالكره من قوتل وألجئ إلى أن يؤمن.

 

الخامس: عن أبي العالية ومجاهد أن كلا أقر بخلقه إياهم وإن أشركوا معه كقوله: ﴿ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله﴾.

 

السادس: عن ابن عباس: أسلموا بأحوالهم المنبئة عنهم وإن كفر بعضهم بمقالهم وذلك هو الاسلام في الذر الأول حيث قال: ﴿ألست بربكم قالوا بلى﴾ وذلك هو دلائلهم التي فطروا عليها من العقل المقتضى لان يسلموا، وإلى هذا أشار بقوله ﴿وظلالهم بالغدو والآصال﴾ السابع: عن بعض الصوفية أن من أسلم طوعا هو من طالع المثيب والمعاقب لا الثواب والعقاب فأسلم له، ومن أسلم كرها هو من طالع الثواب والعقاب فأسلم رغبة ورهبة ونحو هذه الآية قوله: ﴿ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها﴾.