نطق:

 

النطق في التعارف الأصوات المقطعة التي يظهرها اللسان وتعيها الاذان قال ﴿ما لكم لا تنطقون﴾ ولا يكاد يقال إلا للانسان ولا يقال لغيره إلا على سبيل التبع نحو الناطق والصامت فيراد بالناطق ما له صوت وبالصامت

 

ما ليس له صوت، ولا يقال للحيوانات ناطق إلا مقيدا وعلى طريق التشبيه كقول الشاعر: عجبت لها أنى يكون غناؤها * فصيحا ولم تفغر لمنطقها فما والمنطقيون يسمون القوة التي منها النطق نطقا وإياها عنوا حيث حدوا الانسان فقالوا هو الحي الناطق المائت، فالنطق لفظ مشترك عندهم بين القوة الانسانية التي يكون بها الكلام وبين الكلام المبرز بالصوت، وقد يقال الناطق لما يدل على شئ وعلى هذا قيل لحكيم: ما الناطق الصامت ؟ فقال: الدلائل المخبرة والعبر الواعظة.

 

وقوله ﴿لقد علمت ما هؤلاء ينطقون﴾ إشارة إلى أنهم ليسوا من جنس الناطقين ذوي العقول، وقوله ﴿قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ﴾ فقد قيل أراد الاعتبار فمعلوم أن الأشياء كلها ليست تنطق إلا من حيث العبرة وقوله ﴿علمنا منطق الطير﴾ فإنه سمى أصوات الطير نطقا اعتبارا بسليمان الذي كان يفهمه، فمن فهم من شئ معنى فذلك الشئ بالإضافة إليه ناطق وإن كان صامتا، وبالإضافة إلى من لا يفهم عنه صامت وإن كان ناطقا.

 

وقوله ﴿هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق﴾ فإن الكتاب ناطق لكن نطقه تدركه العين كما أن الكلام كتاب لكن يدركه السمع.

 

وقوله ﴿وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شئ﴾ فقد قيل إن ذلك يكون بالصوت المسموع وقيل يكون بالاعتبار والله أعلم بما يكون في النشأة الآخرة.

 

وقيل حقيقة النطق اللفظ الذي هو كالنطاق للمعنى في ضمه وحصره والمنطق والمنطقة ما يشد به الوسط وقول الشاعر: وأبرح ما أدام الله قومي * بحمد الله منتطقا مجيدا فقد قيل منتطقا جانبا أي قائدا فرسا لم يركبه، فإن لم يكن في هذا المعنى غير هذا البيت فإنه يحتمل أن يكون أراد بالمنتطق الذي شد النطاق كقوله من يطل ذيل أبيه ينتطق به، وقيل معنى المنتطق المجيد هو الذي يقول قولا فيجيد فيه.