نسي:

 

النسيان ترك الانسان ضبط ما استودع إما لضعف قلبه، وإما عن غفلة وإما عن قصد حتى ينحذف عن القلب ذكره، يقال نسيته نسيانا، قال ﴿ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزما - فذوقوا بما نسيتم - فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان - لا تؤاخذني بما نسيت - فنسوا حظا مما ذكروا به - ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل - سنقرئك فلا تنسى﴾ إخبار وضمان من الله تعالى أنه يجعله بحيث لا ينسى ما يسمعه من الحق، وكل نسيان من الانسان ذمه الله تعالى به فهو ما كان أصله عن تعمد وما عذر فيه نحو ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان " فهو ما لم يكن سببه منه، وقوله ﴿فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم﴾ هو ما كان سببه عن تعمد منهم وتركه على طريق الإهانة، وإذا نسب ذلك إلى الله فهو تركه إياهم استهانة بهم ومجازاة لما تركوه، قال ﴿فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا - نسوا الله فنسيهم﴾ وقوله ﴿ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم﴾ فتنبيه أن الانسان بمعرفته بنفسه يعرف الله، فنسيانه لله هو من نسيانه نفسه.

 

وقوله تعالى: ﴿واذكر ربك إذا نسيت﴾.

 

قال ابن عباس: إذا قلت شيئا ولم تقل إن شاء الله فقله إذا تذكرته، وبهذا أجاز الاستثناء بعد مدة، قال عكرمة: معنى نسيت ارتكبت ذنبا، ومعناه أذكر الله إذا أردت وقصدت ارتكاب ذنب يكن ذلك دافعا لك فالنسي أصله ما ينسى كالنقض لما ينقض وصار في التعارف اسما لما يقل الاعتداد به، ومن هذا تقول العرب احفظوا أنساءكم أي ما من شأنه أن ينسى، قال الشاعر: * كأن لها في الأرض نسيا تقصه * وقوله تعالى: ﴿نسيا منسيا﴾ أي جاريا مجرى النسي القليل الاعتداد به وإن لم ينس ولهذا عقبه بقوله منسيا لان النسس قد يقال لما يقل الاعتداد به وإن لم ينس، وقرئ نسيا وهو مصدر موضوع موضع المفعول نحو عصى عصيا وعصيانا.

 

وقوله: ﴿ما ننسخ من آية أو ننسها﴾ فإنساؤها حذف ذكرها عن القلوب بقوة إلهية.

 

والنساء والنسوان والنسوة جمع المرأة من غير لفظها كالقوم في جمع المرء، قال تعالى: ﴿لا يسخر قوم من قوم﴾ إلى قوله: ﴿ولا نساء من نساء - نساؤكم حرث لكم - يا نساء النبي - وقال نسوة في المدينة - ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن﴾ والنسا عرق وتثنيته نسيان وجمعه أنساء.