منى:

المنى التقدير، يقال منى لك ألماني أي قدر لك المقدر، ومنه المنا الذي يوزن به فيما قيل، والمنى للذي قدر به الحيوانات، قال ﴿ألم يك نطفة من منى يمنى - من نطفة إذا تمنى﴾ أي تقدر بالعزة الإلهية ما لم يكن منه، ومنه المنية وهو الاجل المقدر للحيوان وجمعه منايا، والتمني تقدير شئ في النفس وتصويره فيها وذلك قد يكون عن تخمين وظن، ويكون عن روية وبناء على أصل، لكن لما كان أكثره عن تخمين صار الكذب له أملك، فأكثر التمني تصور ما لا حقيقة له.

قال ﴿أم للانسان ما تمنى - فتمنوا الموت - ولا يتمنونه أبدا﴾ والأمنية الصورة الحاصلة في النفس من تمنى الشئ، ولما كان الكذب تصور ما لا حقيقة له وإيراده باللفظ صار التمني كالمبدأ للكذب فصح أن يعبر عن الكذب بالتمني، وعلى ذلك ما روى عن عثمان رضي الله عنه: ما تغنيت ولا تمنيت منذ أسلمت وقوله ﴿ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني﴾ قال مجاهد: معناه إلا كذبا، وقال غيره إلا تلاوة مجردة عن المعرفة من حيث إن التلاوة بلا معرفة المعنى تجرى عند صاحبها مجرى أمنية تمنيتها على التخمين، وقوله ﴿وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته﴾ أي في تلاوته، فقد تقدم أن التمني كما يكون عن تخمين وظن فقد يكون عن روية وبناء على أصل، ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما كان يبادر إلى ما نزل به الروح الأمين على قلبه حتى قيل له ﴿لا تعجل بالقرآن﴾ الآية و ﴿لا تحرك به لسانك لتعجل به﴾ سمى تلاوته على ذلك تمنيا ونبه أن للشيطان تسلطا على مثله في أمنيته وذلك من حيث بين أن العجلة من الشيطان.

ومنيتني كذا: جعلت لي أمنية بما شبهت لي، قال تعالى مخبرا عنه: ﴿ولأضلنهم ولأمنينهم﴾.