نبـأ

 

النبأ خبر ذو فائدة عظيمة يحصل به علم أو غلبة ظن، ولا يقال للخبر في الأصل نبأ حتى يتضمن هذه الأشياء الثلاثة، وحق الخبر الذي يقال فيه نبأ أن يتعرى عن الكذب كالتواتر وخبر الله تعالى وخبر النبي عليه الصلاة والسلام، ولتضمن النبأ معنى الخبر يقال أنبأته بكذا كقولك أخبرته بكذا، ولتضمنه معنى العلم قيل أنبأته كذا كقولك أعلمته كذا، قال الله تعالى: ﴿قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون﴾ وقال: ﴿عم يتساءلون عن النبأ العظيم - ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم﴾ وقال ﴿تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك﴾ وقال: ﴿تلك القرى نقص عليك من أنبائها﴾ وقال ﴿ذلك من أنباء القرى نقصه عليك﴾ وقوله: ﴿إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا﴾ فتنبيه أنه إذا كان الخبر شيئا

 

عظيما له قدر فحقه أن يتوقف فيه وإن علم وغلب صحته على الظن حتى يعاد النظر فيه ويتبين فضل تبين، يقال نبأته وأنبأته، قال تعالى: ﴿أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين﴾ وقال: ﴿أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم﴾ وقال ﴿نبأتكما بتأويله - ونبئهم عن ضيف إبراهيم﴾ وقال: ﴿أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض - قل سموهم أم تنبئونه بما لا يعلم﴾ وقال: ﴿نبئوني بعلم إن كنتم صادقين - وقد نبأنا الله من أخباركم﴾ ونبأته أبلغ من أنبأته، ﴿فلننبئن الذين كفروا - ينبأ الانسان يومئذ بما قدم وأخر﴾ ويدل على ذلك قوله: ﴿فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير﴾ ولم يقل أنبأني بل عدل إلى نبأ الذي هو أبلغ تنبيها على تحقيقه وكونه من قبل الله.

 

وكذا قوله: ﴿قد نبأنا الله من أخباركم - فينبئكم بما كنتم تعملون﴾ والنبوة سفارة بين الله وبين ذوي العقول من عباده لإزاحة علتهم في أمر معادهم ومعاشهم.

 

والنبي لكونه منبئا بما تسكن إليه العقول الذكية، وهو يصح أن يكون فعيلا بمعنى فاعل لقوله تعالى: ﴿نبئ عبادي - قل أؤنبئكم﴾ وأن يكون بمعنى المفعول لقوله: ﴿نبأني العليم الخبير﴾ وتنبأ فلان ادعى النبوة، وكان من حق لفظه في وضع اللغة أن يصح استعماله في النبي إذ هو مطاوع نبأ كقوله زينه فتزين، وحلاه فتحلى، وجمله فتجمل، لكن لما تعورف فيمن يدعى النبوة كذبا جنب استعماله في المحق ولم يستعمل إلا في المتقول في دعواه كقولك تنبأ مسيلمة، ويقال في تصغير، نبئ: مسيلمة نبيئ سوء، تنبيها أن أخباره ليست من أخبار الله تعالى، كما قال رجل سمع كلامه: والله ما خرج هذا الكلام من إل أي الله.

 

والنبأة الصوت الخفي.