هزؤ:

 

الهزء مزح في خفية وقد يقال لما هو كالمزح، فمما قصد به المزح قوله ﴿اتخذوها هزوا ولعبا - وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا - وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا - وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا - أتتخذنا هزوا - ولا تتخذوا آيات الله هزوا﴾، فقد عظم تبكيتهم ونبه على خبثهم من حيث إنه وصفهم بعد العلم بها، والوقوف على صحتها بأنهم يهزءون بها، يقال هزئت به واستهزأت، والاستهزاء ارتياد الهزؤ وإن كان قد يعبر به عن تعاطى الهزؤ، كالاستجابة في كونها ارتيادا للإجابة، وإن

 

كان قد يجرى مجرى الإجابة.

 

قال ﴿قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون - وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون - ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون - إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها - ولقد استهزئ برسل من قبلك﴾ والاستهزاء من الله في الحقيقة لا يصح كما لا يصح من الله اللهو واللعب، تعالى الله عنه.

 

وقوله: ﴿الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون﴾ أي يجازيهم جزاء الهزؤ.

 

ومعناه أنه أمهلهم مدة ثم أخذهم مغافصة فسمى إمهاله إياهم استهزاء من حيث إنهم اغتروا به اغترارهم بالهزؤ، فيكون ذلك كالاستدراج من حيث لا يعلمون، أو لأنهم استهزءوا فعرف ذلك منهم فصار كأنه يهزأ بهم كما قيل من خدعك وفطنت له ولم تعرفه فاحترزت منه فقد خدعته.

 

وقد روى: أن المستهزئين في الدنيا يفتح لهم باب من الجنة فيسرعون نحوه فإذا انتهوا إليه سد عليهم فذلك قوله: ﴿فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون﴾ وعلى هذه الوجوه قوله عز وجل ﴿سخر الله منهم ولهم عذاب أليم﴾.