إعراب ﴿وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾

المسألة:

نحن نعتقد أنَّ آية الولاية نزلت في الإمام عليٍّ (ع)، ونحتجُّ بأنَّ الواو في قوله تعالى: ﴿وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾(1) واو حال إلا أنَّ بعض المخالفين يدَّعي أن الواو عاطفة وأنَّ الجملة صفة وليست حالاً، ويستشد بكلام العلامة الطباطبائي (رض) في تفسيره لقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾(2) حيث إنَّ الطباطبائي (رض) يقول بأنَّ ﴿وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ صفة ثالثة للمؤمنين، وهي صفة للذات وليست للحال كالصفات السابقة، وهذه الآية لا تختلفُ عن آية الولاية من ناحية الإعراب، فما هو الرد.

 

الجواب:

المناط في الإعراب:

إنَّ إعراب الكلام يقومُ على أساس ما يستظهرُه العرف من المعنى للكلام، وأنَّ الذي يقتضيه الظهور العرفي لآية الولاية هو أنَّ جملة ﴿وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ جملة حاليَّة أي أنَّها في موضع النصب على الحال من ﴿يُؤْتُونَ﴾، فالواو هي واو الحال وجملة ﴿هُمْ رَاكِعُونَ﴾ جملة اسميَّة في موضع النصب على الحال، إذ أنَّ معناها بحسب ما يقتضيه الفهم العرفي هو أنهم يؤتون الزكاة حال كونِهم راكعين.

 

فمساقُ الآية هو مساق القول بأنَّ الجواد من يجود بماله وهو ضاحك، أي يجود بماله حال كونه ضاحكاً.

 

وهذا الإعراب وهذا الفهم هو الذي ذهب إليه أكثرُ المفسرين من الشيعة والسنَّة (3) وكذلك هو ما ذكره علماءُ النحو اللذين تصدَّوا لإعراب القرآن الكريم، والعلامة الطباطبائي أعرب آية الولاية بنفس هذا الإعراب(4).

 

لا فرق بين آية الولاية والآية من سورة لقمان:

وأمَّا الآية المذكورة وهي الرابعة من سورة لقمان فإعراب ﴿وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾(5) هو نفس الإعراب في آية الولاية وهو أنَّها جملة حاليَّة وأنَّ الواو فيها حاليَّة وليست عاطفة، ولك أي تُراجع في ذلك الكتب التي تصدَّت لإعراب القرآن الكريم.

 

والذي يؤكِّد أنَّ جملة ﴿وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ جملة حاليَّة وليست عاطفة أنَّ جملة ﴿وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ جملة اسميَّة وجملة يقيمون ويؤتون الزكاة فعلية ومن المتعارف عدم عطف الجملة الاسمية على الجملة الفعلية، فحمل جملة ﴿وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ على أنَّها معطوفة خلاف الظاهر.

 

وأمَّا أنَّ العلامة الطباطبائي أعرب الواو بأنَّها عاطفة في قوله تعالى: ﴿وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ فليس صحيحاً، إذ أنَّه لم يتصدَ لإعرابها أصلاً وإنَّما أفاد أنَّ الآية وصفت المحسنين بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وبالإيقان بالآخرة، وهذا لا يعني أنَّه أعرب الواو على أنَّها عاطفة، وأمَّا قوله أنَّه وصفَ المحسنين بالإيقان بالآخرة فليس المقصود من الوصف معناه النحوي، إذ أنَّ الحال نوعُ وصفٍ أيضاً، فحينما يقال جاء زيد راكباً فإنَّ مفاد ذلك أنَّه متَّصف بالركوب.

 

والحمد لله رب العالمين

 

من كتاب: شؤون قرآنية

الشيخ محمد صنقور


1- سورة المائدة / 55.

2- سورة لقمان / 4.

3- التبيان -الشيخ الطوسي- ج3 / ص558، تفسير مجمع البيان -الشيخ الطبرسي- ج3 / ص359، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل -الزمخشري- ج1 / ص624، تفسير الآلوسي -الآلوسي- ج6 / ص166، تفسير أبي السعود -أبو السعود- ج3 / ص52، فتح القدير -الشوكاني- ج2 / ص51.

4- تفسير الميزان -العلامة السيد الطباطبائي- ج6 / ص14.

5- سورة لقمان / 4.