﴿حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾

قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز:

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾(1)

 

ورد في كتب التفاسير ومجاميع روايات أهل البيت (ع) مجموعة من الروايات الدالة على فضائل أهل البيت (عليهم السلام) في تفسير معنى الآية السابقة من سورة المجادلة نوجزها في ما يلي:

 

معنى حزب الله:

ورد في موسوعة بحار الأنوار للعلامة المجلسي(2):

ورد تفسير علي بن إبراهيم: ﴿أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ﴾ يعني الأئمة أعوان الله: ﴿أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾(3).

 

من هم حزب الله؟

ورد في تفسير القمي (أعلى الله مقامه) ما يلي(4):

وقال علي بن إبراهيم في قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم﴾ .. قال: نزلت في الثاني لأنه مر به رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو جالس عند رجل من اليهود ويكتب خبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأنزل الله جل ثناؤه: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلَا مِنْهُمْ﴾.

 

فجاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) رأيتك تكتب عن اليهود وقد نهى الله عن ذلك!

 

فقال يا رسول الله كتبت عنه ما في التوراة من صفتك وأقبل يقرأ ذلك على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو غضبان، فقال له رجل من الأنصار ويلك أما ترى غضب النبي (صلى الله عليه وآله عليك)؟

 

فقال أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله إني إنما كتبت ذلك لما وجدت فيه من خبرك، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا فلان!

 

لو أن موسى بن عمران فيهم قائما ثم أتيته رغبة عما جئت به لكنت كافرا بما جئت به وهو قوله ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً﴾ أي حجابا بينهم وبين الكفار وإيمانهم إقرار باللسان وخوفا من السيف ورفع الجزية وقوله ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ﴾.

 

قال إذا كان يوم القيامة جمع الله الذين غصبوا آل محمد حقهم فيعرض عليهم أعمالهم فيحلفون له إنهم لم يعملوا منها شيئا كما حلفوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في الدنيا حين حلفوا أن لا يردوا الولاية في بني هاشم، وحين هموا بقتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في العقبة، فلما أطلع الله نبيه وأخبره حلفوا له إنهم لم يقولوا ذلك ولم يهموا به حتى انزل الله على رسوله: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ﴾.

 

وقوله: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾(5)، أي من يؤمن بالله واليوم الآخر لا يؤاخي من حاد الله ورسوله إلى قوله: ﴿أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ﴾ وهم الأئمة (عليهم السلام): ﴿وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ قال: الروح ملك أعظم من جبرئيل وميكائيل وكان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو مع الأئمة (عليهم السلام) وقوله: ﴿أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ﴾ يعني الأئمة (عليهم السلام) أعوان الله: ﴿أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.

 

حزب علي (ع) هم حزب الله:

وجاء في كتاب الأمالي للشيخ الصدوق(6):

حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسني، قال: أخبرنا أحمد بن عيسى بن أبي موسى العجلي، قال: حدثنا محمد ابن أحمد بن عبد الله بن زياد العرزمي، قال: حدثنا علي بن حاتم المنقري، قال: حدثنا شريك، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام):

 

يا علي، شيعتك هم الفائزون يوم القيامة، فمن أهان واحدا منهم فقد أهانك، ومن أهانك فقد أهانني، ومن أهانني أدخله الله نار جهنم خالدا فيها وبئس المصير.

يا علي، أنت مني وأنا منك، روحك من روحي، وطينتك من طينتي، وشيعتك خلقوا من فضل طينتنا، فمن أحبهم فقد أحبنا، ومن أبغضهم فقد أبغضنا، ومن عاداهم فقد عادانا، ومن ودهم فقد ودنا.

 

يا علي، إن شيعتك مغفور لهم على ما كان فيهم من ذنوب وعيوب.

يا علي، أنا الشفيع لشيعتك غدا إذا قمت المقام المحمود، فبشرهم بذلك.

 

يا علي، شيعتك شيعة الله، وأنصارك أنصار الله، وأولياؤك أولياء الله وحزبك حزب الله.

يا علي، سعد من تولاك، وشقي من عاداك.

يا علي، لك كنز في الجنة، وأنت ذو قرنيها(7).

 

وورد نفس المضمون في كتاب الأمالي للشيخ الصدوق (أعلى الله مقامه)(8):

حدثنا أحمد بن هارون الفامي (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر بن جامع الحميري، عن أبيه، عن أيوب بن نوح، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان الأحمر، عن سعد الكناني، عن الأصبغ بن نباتة، عن عبد الله بن عباس، قال:

 

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام):

يا علي، أنت خليفتي على أمتي في حياتي وبعد موتي، وأنت مني كشيث من آدم، وكسام من نوح، وكإسماعيل من إبراهيم، وكيوشع من موسى، وكشمعون من عيسى.

يا علي، أنت وصيي ووارثي وغاسل جثتي، وأنت الذي تواريني في حفرتي، وتؤدي ديني، وتنجز عداتي.

 

يا علي، أنت أمير المؤمنين، وإمام المسلمين، وقائد الغر المحجلين، ويعسوب المتقين.

يا علي، أنت زوج سيدة النساء فاطمة ابنتي، وأبو سبطي الحسن والحسين.

يا علي، إن الله تبارك وتعالى جعل ذرية كل نبي من صلبه، وجعل ذريتي من صلبك.

 

يا علي، من أحبك ووالاك أحببته وواليته، ومن أبغضك وعاداك أبغضته وعاديته، لأنك مني وأنا منك.

يا علي، إن الله طهرنا واصطفانا، لم يلتق لنا أبوان على سفاح قط من لدن آدم، فلا يحبنا إلا من طابت ولادته.

يا علي، أبشر بالشهادة فإنك مظلوم بعدي ومقتول.

 

فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله، وذلك في سلامة من ديني؟ قال: في سلامة من دينك.

يا علي، إنك لن تضل ولم تزل، ولولاك لم يعرف حزب الله بعدي(9).

 

ورد في كتاب عيون أخبار الرضا (ع) للشيخ الصدوق(10):

حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) بقم في رجب سنة تسع وثلثين وثلاثمأة قال حدثني أبي عن ياسر الخادم عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال:

 

قال رسول الله (ص) لعلي (عليه السلام):

يا علي، أنت حجة الله وأنت باب الله وأنت الطريق إلى الله وأنت النبأ العظيم وأنت الصراط المستقيم وأنت المثل الأعلى.

 

يا علي، أنت إمام المسلمين وأمير المؤمنين وخير الوصيين وسيد الصديقين.

يا علي، أنت الفاروق الأعظم وأنت الصديق الأكبر.

 

يا علي، أنت خليفتي على أمتي وأنت قاضي ديني وأنت منجز عداتي.

يا علي، أنت المظلوم بعدي.

 

يا علي، أنت المفارق بعدي.

يا علي، أنت المحجور بعدي اشهد الله تعالى ومن حضر من أمتي أن حزبك حزبي وحزبي حزب الله وان حزب أعدائك حزب الشيطان.

 


1- سورة المجادلة / 22.

2- ج24 / ص212.

3- تفسير القمي ص671، والآية في المجادلة 22.

4- علي بن إبراهيم القمي ج2 / ص357-358.

5- سورة المجادلة / 22.

6- ص66-67.

7- بشارة المصطفى ص162، بحار الأنوار 68: 7 / 1.

8- ص449-450.

9- بحار الأنوار 38: 103 / 26.

10- ج1 / ص9.