﴿وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ﴾

﴿وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾(1).

اللغة:

المعدودات تستعمل كثيرا في اللغة للشيء القليل وكل عدد قل أو كثر فهو معدود ولكن معدودات أدل على القلة لأن كل قليل يجمع بالألف والتاء والحشر جمع القوم من كل ناحية إلى مكان والمحشر المكان الذي يحشرون فيه وحشرتهم السنة إذا أجحفت بهم لأنها تضمهم من النواحي إلى المصر وسهم حشر خفيف لطيف لأنه ضامر باجتماعه وأذن حشرة لطيفة وضامرة وحشرات الأرض دوابها الصغار لاجتماعها من كل ناحية فأصل الباب الاجتماع.

المعنى:

﴿وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ﴾ هذا أمر من الله للمكلفين أن يذكروه في أيام معدودات وهي أيام التشريق ثلاثة أيام بعد النحر والأيام المعلومات عشر ذي الحجة عن ابن عباس والحسن وأكثر أهل العلم وهو المروي عن أئمتنا وذكر الفراء أن المعلومات أيام التشريق والمعدودات العشر والذكر المأمور به هو أن تقول عقيب خمس عشرة صلوات الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أولانا والله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام وأول التكبير عندنا عقيب الظهر من يوم النحر وآخره عقيب صلاة الفجر من اليوم الرابع من النحر هذا لمن كان بمنى ومن كان بغير منى من الأمصار يكبر عقيب عشر صلوات أولها صلاة الظهر من يوم النحر أيضا هذا هو المروي عن الصادق (عليه السلام) وفي ذلك اختلاف بين الفقهاء ووافقنا في ابتداء التكبير من صلاة الظهر من يوم النحر ابن عباس وابن عمر.

قوله: ﴿فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ المعنى في ذلك الرخصة في جواز النفر في اليوم الثاني من أيام التشريق والأفضل أن يقيم إلى النفر الأخير وهو الثالث من التشريق وإذا نفر في الأول نفر بعد الزوال إلى غروب الشمس فإن غربت فليس له أن ينفر إلى اليوم الثالث.

وقوله: ﴿فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ فيه قولان:

أحدهم: أن معناه لا إثم عليه لأن سيئاته صارت مكفرة بما كان من حجه المبرور وهو قول ابن مسعود.

والثاني: إن معناه لا إثم عليه في التعجيل والتأخير وإنما نفي الإثم لئلا يتوهم متوهم إن في التعجيل إثما وإنما قال ﴿فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ في التأخير على جهة المزاوجة كما يقال إن أعلنت الصدقة فحسن وأن أسررت فحسن وإن كان الإسرار أحسن وأفضل عن الحسن.

وقوله: ﴿لِمَنِ اتَّقَى﴾ فيه قولان:

أحدهما: إن الحج يقع مبرورا مكفرا للسيئات إذا اتقي ما نهى الله عنه.

والآخر: ما رواه أصحابنا أن قوله: ﴿لِمَنِ اتَّقَى﴾ متعلق بالتعجيل في اليومين وتقديره فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه لمن اتقى الصيد إلى انقضاء النفر الأخير وما بقي من إحرامه ومن لم يتقها فلا يجوز النفر في الأول وهو المروي عن ابن عباس واختاره الفراء وقد روي أيضا عن أبي عبد الله في قوله: ﴿فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ﴾ أي من مات في هذين اليومين فقد كفر عنه كل ذنب ﴿وَمَن تَأَخَّرَ﴾ أي من أجله فلا إثم عليه إذا اتقى الكبائر.

وقوله: ﴿وَاتَّقُواْ اللّهَ﴾ أي اجتنبوا معاصي الله ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ أي تحققوا أنكم بعد موتكم تجمعون إلى الموضع الذي يحكم الله فيه بينكم ويجازيكم على أعمالكم.

المصدر:

تفسير مجمع البيان في تفسير القران إلى الطبرسي (ت 548 هـ).


1- سورة البقرة / 203.