أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)
من هو الإمام علي بن أبي طالب (ع):
الإمام علي بن أبي طالب بن عبد المطلب وهو الإمام الأول من أئمة أهل البيت (ع) كما نص على ذلك القرآن الكريم والسنة الشريفة.
وُلد (ع) في اليوم الثالث عشر من شهر رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة وكانت ولادته في مكة المكرمة في البيت الحرام وسط الكعبة الشريفة، وهي منقبةٌ لم تكن لأحد قبله ولم تتفق لأحدٍ بعده، وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف فهو هاشميُّ الأب والأم وكان أول من وُلد من هاشميين.
تولَّى رسول الله (ص) تربيته بنفسه كما نص على ذلك التاريخ والروايات المتواترة وكان عليه السلام يفتخر بذلك، وأفاد في بعض المواطن "وقد علمتم موضعي من رسول الله (ص) بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا ولد يضمني إلى صدره ويكنفني في فراشه ويُمُّسني جسده ويُشمني عرفه وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه وما وجد لي كذبة في قول ولا خطلة في فعل. ولقد كنت اتبعه إتباع الفصيل أثر أمه يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علمًا ويأمرني بالإقتداء به. ولم يجمع بيت واحد يؤمئذٍ في الإسلام غير رسول الله (ص) وخديجة وأنا ثالثهما أرى نور الوحي والرسالة وأشمُّ ريح النبوة ".
كتابة الأمير (ع) للوحي:(1)
فإنه كان يكتب الوحي من بدء(2) نزوله، وهو الذي كتب القرآن كله بإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخطه بيده الشريفة.
وذكر ابن النديم في ذكر الجماع للقرآن على عهد النبي (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب سلام الله عليه(3).
وقال ابن أبي الحديد: "فالذي عليه المحققون من أهل السيرة أن الوحي كان يكتبه علي (عليه السلام) وزيد بن ثابت وزيد بن أرقم"(4).
ما قاله أمير المؤمنين (ع) عن نفسه في هذا الشأن:
وعن علي (عليه السلام): "لو ثنيت لي الوسادة لأخرجت لهم مصحفا كتبته وأملاه عليَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)"(5).
وعنه عليه الصلاة والسلام "ما كتبنا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا القرآن وما في هذه الصحيفة"(6) يصرح بأنه كتب عن النبي صلى الله عليه القرآن أي: باملائه (صلى الله عليه وآله).
وقال صلوات الله عليه: ".. فما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي فكتبتها بخطي وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها وخاصها وعامها"(7).
وقال صلوات الله عليه: "يا طلحة إن كل آية أنزلها الله على محمد (صلى الله عليه وآله) عندي بإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخطي بيدي وتأويل كل آية"(8).
وعن علي (عليه السلام) يقول: "ما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي فكتبتها بخطي وعلمني تأويلها وتفسيرها"(9).
وعنه (عليه السلام): "وما نزلت على رسول الله آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي فكتبتها بخطي وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها .."(10).
وعنه (عليه السلام): "فما نزلت عليه آية في ليل ولا نهار ولا سماء ولا أرض ولا دنيا ولا آخرة ولا جنة ولا نار ولا سهل ولا جبل ولا ضياء ولا ظلمة إلا أقرأنيها وأملاها علي وكتبتها بيدي وعلمني .."(11).
ما قاله أئمة أهل البيت (ع) في حق أمير المؤمنين (ع):
وعن أبي إبراهيم (عليه السلام) يقول (في حديث طويل): "ثم نزل الوحي على محمد (صلى الله عليه وآله) فجعل يملي على علي (عليه السلام) ويكتب علي (عليه السلام) .."(12).
عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث: ".. فإذا قام القائم قرأ كتاب الله عز وجل على حده، وأخرج المصحف الذي كتبه علي (عليه السلام) .."(13).
وعن أبي جعفر (عليه السلام) "ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كما أنزل إلا كذاب، وما جمعه وما حفظه كما أنزل إلا علي بن أبي طالب والأئمة بعده"(14).
قال الرافعي: "اتفقوا على أن من كتب القرآن فأكمله وكان قرآنه أصلا للقرآين المتأخرة علي بن أبي طالب وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود"(15).
هذا كله عدا ما ورد عنه صلوات الله عليه أنه آلى أن لا يرتدي إلا للصلاة حتى يجمع القرآن، ..(16).
ونقل ابن شهرآشوب ملاحظة فقال: "كان علي يكتب أكثر الوحي ويكتب أيضا غير الوحي" وتقييده بالأكثر لعله بالنظر إلى بعض الأوقات التي لم يكن علي (عليه السلام) بالمدينة، وكان في بعوثه (صلى الله عليه وآله) إلى الحروب أو إلى اليمن أو إلى بني جذيمة، وهذا ذهول عن أنه (صلى الله عليه وآله) يملي عليه ما غاب عنه في ساعاته الخاصة به كما سيأتي.
وكذا غير المناقب كالطبري وابن الأثير، وفي العقد الفريد 4: 161: "ومن أهل الصناعة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وكان مع شرفه ونبله وقرابته من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يكتب الوحي، ثم أفضت إليه الخلافة بعد الكتابة وعثمان بن عفان كانا يكتبان الوحي، فإن غابا كتب أبي بن كعب وزيد بن ثابت، فإن لم يشهد واحد منهما كتب غيرهما".
وقال الطبري 6: 179: "علي بن أبي طالب (عليه السلام) وعثمان بن عفان كانا يكتبان الوحي، فإن غابا كتبه أبي بن كعب وزيد بن ثابت"(17).
قال المفيد في الفصول المختارة: 222: "وروى سلمة بن كهيل عن أبيه عن حبة بن جوين قال: أسلم علي وكان له ذؤابة يختلف إلى الكتاب" وزاد في المفصل 8: 292 ناقلا عنه: "وله ذؤابة وهو ابن أربع عشرة سنة" وكذا: 122.
أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ككاتب للعهود والرسائل:
الذي يتضح من التتبع في كتبه (صلى الله عليه وآله) أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه هو الذي كان يتصدى لكتابة العهود كما صرح به أبو عمر في الإستيعاب قال: "كان الكاتب لعهوده (صلى الله عليه وسلم) إذا عهد وصلحه إذا صالح علي بن أبي طالب"(18).
قال ابن شهرآشوب في المناقب: "وكان (عليه السلام) يكتب الوحي والعهد وكاتب الملك أخص إليه، لأنه قلبه ولسانه ويده، فلذلك أمره النبي (صلى الله عليه وسلم) بجمع القرآن بعده، وكتب له الأسرار وكتب يوم الحديبية بالاتفاق، وقال أبو رافع: إن عليا كان كاتب النبي إلى من عاهد ووادع، وإن صحيفة أهل نجران كان كاتبها، وعهود النبي (صلى الله عليه وسلم) لا توجد قط إلا بخط علي (عليه السلام) ومن ذلك ما رواه أبو رافع: "إن عليا كان له من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ساعة من الليل بعد العتمة لم تكن لأحد غيره" تاريخ البلاذري: "إنه كانت لعلي دخلة لم تكن لأحد من الناس" مسند الموصلي: عبد الله بن يحيى عن علي (عليه السلام) قال: "كانت لي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ساعة من السحر آتيه فيها، فكنت إذا أتيت استأذنت، فإن وجدته يصلي سبح فقلت: أدخل" مسند أحمد وسنن ابن ماجة وكتاب أبي بكر بن عياش بأسانيد عن عبد الله بن يحيى الحضرمي عن علي (عليه السلام) قال: "كان لي من رسول الله مدخلان مدخلا بالليل ومدخلا بالنهار، وكنت إذا دخلت عليه وهو يصلي تنحنح لي"(19).
وقد يوجد عدة من كتبه (صلى الله عليه وآله) بخطه وكتب في آخره "وكتب علي بن أبي طالب" وهي: كتابه (صلى الله عليه وآله) في الحديبية(20) ولأهل مقنا ولبني جنبة(21) ولأهل مقنا وبني جنبة(22) ولبني زياد ولنعيم بن مسعود(23) ولأحمر بن معاوية(24) ولحي سلمان(25) وفي فدية سلمان(26) ولوفد همدان(27) وللزبير(28) ولجميل ابن ردام(29) وللحصين بن أوس(30) وللداريين(31) وفي جواب أبي سفيان(32) ولأهل خيبر(33) ولنصارى نجران(34) ولخزاعة وبديل بن ورقاء(35).
اقتنع بعضهم بعده صلوات الله عليه من الكتاب(36).
1- مكاتيب الرسول -الأحمدي الميانجي- ج 1 / ص 114-121.
2- راجع التراتيب ج1 / ص114 والمناقب ج2 / ص226 والبداية والنهاية ج5 / 339، ج7 / ص145 والكامل لابن الأثير ج2 / ص312 والعقد الفريد ج4 / ص161 واليعقوبي ج2 / ص69 وابن أبي الحديد ج1 / ص338 وفتح الباري ج9 / ص22 وتاريخ الخميس ج2 / ص181 والوزراء والكتاب للجهشياري ص12 والطبري ج3 / ص173 وحياة الحيوان للدميري ج1 / ص55 وبهجة المحافل ج2 / ص161 والمفصل في أخبار العرب ج8 / ص120 و131 والمعجم الكبير للطبراني ج5 / ص114 وصبح الأعشى ج1 / ص92.
3- المصدر ص41 وفي حقائق حول القرآن للعلامة جعفر مرتضى العاملي (المخطوط) ص153 عنه وعن الزنجاني والرافعي وابن كثير والسيد الأمين وشرح النهج للمعتزلي ج1 / ص27 وتفسير القمي ج2 / ص451 والبحار ج89 / ص48 عنه والوافي ج5 / ص274 عنه أيضا وتفسير الصراط المستقيم ج1 / ص366 (الهامش) والمناقب لابن شهرآشوب ج2 / ص40 والاستيعاب ج3 / ص224 هامش الإصابة وأسد الغابة ج4 / ص216 وعن تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج4 / ص8 / الذيل 8 والتمهيد ج1 / ص225.
4- المصدر ج1 / ص338.
5- حقائق حول القرآن ص153 عن المناقب ج2 / ص41 والبحار ج89 / ص52 عنه.
6- البخاري ج4 / ص124 ومسند علي للسيوطي ص511 وكنز العمال ج17 / ص105 و106 عن الطبراني والبخاري ومسلم وعبد الرزاق وأحمد وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وأبي عوانة وابن خزيمة والطحاوي وابن حبان والبيهقي، وراجع فتح الباري ج6 / ص200 وتذكرة الحفاظ ج1 / ص12 وتاريخ واسط ص102 وعمدة القاري ج15 / ص101 ونصب الراية ص393 و394.
7- الكافي ج1 / ص62 ونهج البلاغة / خ 20 ط فيض الاسلام والاحتجاج للطبرسي ص141 والوسائل ج18 / ص152 و153 عن الكافي والبحار ج36 / ص257.
8- البحار ج26 / ص65، ج92 / ص41 عن كتاب سليم بن قيس.
9- الاكمال ص284 والكافي ج1 / ص64 والبحار ج36 / ص256 و257 وحقائق حول القرآن عن كتاب سليم ص99 وبصائر الدرجات ص198 وإكمال الدين ج1 / ص284 والبحار ج89 / ص41 و99 والاحتجاج ج1 / ص223 والبرهان ج1 / ص16.
10- البحار ج36 / ص256-257 عن الاكمال ص284.
11- بصائر الدرجات ص218 ط تبريز والبحار ج40 / ص139 عنه.
12- البحار ج26 / ص26 و27 عن الاختصاص وبصائر الدرجات.
13- الكافي ج2 / ص633 وبصائر الدرجات ص213.
14- الكافي ج1 / ص178 وبصائر الدرجات ص194 وتفسير البرهان ج1 / ص2 و15 والبيان لآية الله الخوئي ص7 و242 والوافي ج2 / ص130 / كتاب الحجة / باب 76 وراجع كنز العمال ج2 / ص373 وفواتح الرحموت بهامش المستصفى ج2 / ص12 (كلها كما في حقائق حول القرآن ص154) والتمهيد ج1 / ص226.
15- حقائق في تاريخ القرآن وعلومه ص115 و124 عن إعجاز القرآن للرافعي ص35 و136 وكذا في مباحث في علوم القرآن للقطان ص124 لكنه زاد معاذ بن جبل.
16- راجع الإتقان ج1 / ص57 و58 وتأسيس الشيعة لعلوم الإسلام للسيد حسن الصدر ص316 عن ابن النديم والسيوطي في الاتقان ص317 عن الخطيب وابن شهرآشوب ومسند علي للسيوطي ص121 و122 عن محمد بن سيرين وراجع ينابيع المودة ص287 عن أبي داود وشواهد التنزيل للحسكاني ج1 / ص28 والمناقب ج2 / ص226 وكنز العمال ج2 / ص313 وتيسير المطالب ص99 و100 والكافي ج2 / ص253 وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج7 / ص235 والبحار ج28 / ص264، ج92 / ص40 و42 والتمهيد ج1 / ص228 والايضاح لفضل بن شاذان ص222 وتأريخ الخلفاء ص185 وابن أبي شيبة ج10 / ص545 والطبقات لابن سعد ج2 / ص238 والمصاحف للسجستاني ص10 ومسند علي ص294 و366 وتذكرة الحفاظ للذهبي ج2 / ص661 وحلية الأولياء ج1 / ص67 وكنز العمال ج15 / ص112 وعبد الرزاق ج5 / ص450.
17- وراجع المفصل ج8 / ص131 عن التنبيه والاشراف والعقد الفريد ج4 / ص141 والوزراء ص12 والتراتيب ج1 / ص114 عن أنباء الأنبياء ص115 عن العقد والوزراء ص120 والبداية والنهاية ج5 / ص340 وأسد الغابة ج1 / ص50.
18- الاستيعاب هامش الإصابة ج1 / ص51 وأسد الغابة ج1 / ص50 والتراتيب ج1 / ص123 واليعقوبي ج2 / ص69 وصبح الأعشى ج1 / ص92 وفي الافصاح للمفيد رحمه الله تعالى: "خص رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا على إيداع الأسرار عنده وكتب عهوده (راجع: 5) وراجع المصباح المضئ ج1 / ص82 والمفصل ج8 / ص121.
19- المناقب ج2 / ص226 ط قم وراجع أيضا ج1 / ص162 والبحار ج36 / ص273 وأمالي الشيخ (قدس سره) ج1 / ص237 والمفصل في تاريخ العرب ج8 / ص120 و122. الظاهر أن الصحيح هو "عبد الله بن نجي الحضرمي" نجي بالنون ثم الجيم.
20- راجع المكاتيب ص275 ط سنة 1382 ه-والوثائق: 59. ط سنه 1389ه-.
21- راجع المكاتيب ص288 والوثائق ص92.
22- المكاتيب ص293 والوثائق ص94.
23- المكاتيب ص363 والوثائق ص222.
24- المكاتيب ص373 والوثائق ص210.
25- المكاتيب ص375.
26- المكاتيب ص409 والوثائق ص279.
27- المكاتيب ص432 والوثائق ص189.
28- المكاتيب ص458 والوثائق ص271.
29- المكاتيب ص461 والوثائق ص272.
30- المكاتيب ص465 والوثائق ص225.
31- المكاتيب ص488 والوثائق ص102.
32- المكاتيب ص530 والوثائق ص53.
33- المكاتيب ص626 والوثائق ص95.
34- المكاتيب ص323 والوثائق ص141.
35- المكاتيب ص306 والوثائق ص231.
36- راجع بهجة المحافل ج2: ص161.