الدرس السادس عشر

 

.: المدود (1) :.

 

لا يخفى عليك أيُّها القارئ الكريم حجم الاختلاف بين القرَّاء في موضوع المدود إلى درجة أنَّه يمكننا أن نزعم بأنْ لو لم تكن المدود لما كانت هناك روايات أصلاً (1)، لذلك ينبغي أنْ يلتزم القارئ بأداء المدود حسب موازينها المذكورة في الرواية. وسنتعرَّض في بادئ الأمر إلى تعريف المدّ، ومِن ثمّ أسبابه، وبعد ذلك نقف عند كلّ سبب والأنواع التي تندرج تحته.

 

تعريف المدّ

المدّ: لغة: هو الزِّيادة والمطّ.

واصطلاحًا: هو إطالة الصَّوت بحرفٍ مِنْ حروف المدِّ.

وحروف المدّ ثلاثة؛ هي: الألف السَّاكنة المفتوح ما قبلها (دائمًا)، والياء السَّاكنة المكسور ما قبلها، والواو السَّاكنة المضموم ما قبلها.

 

أسباب المدّ اللفظيّة(2)

1- الهمزة.

2- السّكون.

 

ويمكن تقسيم المدود على أساسها، وسنقتصر في هذا الدرس على المدود التي سببها الهمزة، والتي تندرج تحتها أربعة أنواع هي:

 

1- المدّ الواجب المتَّصل:

ويكون هذا المدُّ عندما تكون الهمزة (سبب المدِّ)، وحرف المدِّ في كلمة واحدة، بحيث ننظر إلى أصل الكلمة، فقد تكون الكلمة الواحدة مكوّنة مِنْ كلمتَيْن غير أنَّهما وُصِلَتا في المصحف، فنعتبرهما ككلمتَيْن متَّصلتَيْن رسمًا، ولا نأخذهما ككلمة واحدة. ومقدار مدّه (4 أو 5) حركات مثل: ﴿الْمَلاَئِكَةُ﴾، وإذا تطرَّفت الهمزة (أي جاءت في آخر الكلمة) جاز الوقوف عليها ب (6 حركات أيضًا)، مثل ﴿تِلْقَاء﴾.

 

2- المدّ الجائز المنفصل:

ويكون هذا المدُّ عندما تكون الهمزة (سبب المدِّ)، وحرف المدِّ في كلمتين سواء كانت هاتان الكلمتان مفصولتَيْن أم موصولتَيْن (مفصولتَيْن حكمًا). ومقدار مدّه (4 أو 5) حركات. مثل: ﴿يَـأَيُّهَا﴾ حيث كُتِبَت (يا) موصولة مع (أيُّها)، أمَّا: ﴿قَالُواْ إِنَّمَا﴾ فمثال المقطوعتَيْن.

 

3- مدّ مسبوق بهمز:

ويكون هذا المدُّ عندما تكون الهمزة سابقة لحرف المدِّ. وقد يكون المدّ فيه أصليًّا مثل: ﴿وَالْقُرْءانِ﴾ أو مدًّا ناتجًا مِنْ إبدال الهمزة إلى حرف مدّ مثل: ﴿إِيمَاناً﴾ إذ أصلها (إِئْمَانًا)، ويسمَّى المدّ هنا بمدِّ البدل. ومقدار مدِّه حركتَان فقط.

 

4- مدّ الصِّلة الكبرى:

ويكون إذا جاءت هاء الكناية بين متحرِّكَيْن، وكان المتحرِّك الثَّاني همزة متحرِّكة، وحُكمه حكم المدّ الجائز المنفصل، إلاّ أنَّ حرف المدّ فيه غير أصليّ مثل: ﴿لاَ يَسْتَحْيِي أَن﴾، وإذا كان المتحرِّك الثَّاني ليس همزة، فعندها يُسمَّى المدّ بمدّ الصِّلة الصُّغرى، مثل: ﴿مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ﴾.

 

(1) أي لم يكن هناك إدراج للروايات في كتب علم التجويد، وليس علم القراءات.

(2) هناك أسباب معنويَّة للمدّ مثل التعظيم والدعاء إلاَّ أننَّا أسقطناها لعدم ورود هذا المدّ مِن طريق الشاطبيَّة.