الآية 207 من سورة البقرة
﴿وَمِن النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفُ بِالْعِبَادِ ﴾
سبب النّزول
روى "الثعلبي" مفسّر أهل السنّة المعروف في تفسيره أن النبي (ص) لمّا أراد الهجرة إلى المدينة خلّف علي بن أبي طالب بمكة لقضاء ديونه وأداء الودائع التي كانت عنده وأمره ليلة خروجه من الدّار وقد أحاط المشركون بالدار أن ينام على فراشه وقال له: اتّشح ببردي الحضرمي الأخضر ونم على فراشي وإنّه لا يصل منهم إليك مكروه إن شاء الله تعالى.
ففعل ذلك علي، فأوحى الله تعالى إلى جبرئيل وميكائيل إنّي آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر فأيّكما يؤثر صاحبه بالحياة، فاختار كلاهما الحياة فأوحى الله تعالى إليهما: أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب آخيت بينه وبين محمّد فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة انزلا إلى الأرض فاحفظاه من عدوّه.
فنزلا فكان جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه وجبرئيل يُنادي بخّ بخّ مَن مثلك يا علي يُباهي الله تبارك وتعالى بك الملائكة، فأنزل الله على رسوله وهو متوجّه إلى المدينة في شأن علي الآية.
ولهذا سُمّيت هذه اللّيلة التاريخية بليلة المبيت، ويقول ابن عباس نزلت الآية في علي حين هرب رسول الله من المشركين إلى الغار مع أبي بكر ونام علي على فراش النبي.
ويقول (أبو جعفر الإسكافي) كما جاء في شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المجلّد /3/ الصفحة (270) "إنّ حديث الفراش قد ثبت بالتواتر فلا يجحده إلاّ مجنون أو غير مخالط لأهل الملّة"(1).
1- العزة في مقابل الذلّة في الأصل. ولكن هنا ورد بمعنى الغرور والنخوة، (روح المعاني) والراغب يرى أنها بمعنى عدم المغلوبية في الأصل، ومجازاً تأتي بمعنى الغرور.