سبب نزول الآيات (90-91-92) من سورة المائدة

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ * وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ﴾

 

سبب النّزول

تذكر التفاسير الشيعية والسنّية روايات متعددة عن سبب نزول الآية الاُولى تكاد تكون متشابهة، من ذلك أنّه جاء في تفسير "الدر المنثور" عن سعد بن أبي وقاص أنّه قال: إِنّ هذه الآية قد نزلت بشأني.

 

كان أنصاري قد أعد طعاماً دعانا إِليه مع جمع من الناس، فتناولوا الطعام وشربوا الخمر، وكان هذا قبل تحريمها في الإِسلام، وعندما صعدت النشوة إِلى رؤوسهم أخذوا يتفاخرون وارتفع بينهم الكلام شيئاً فشيئاً حتى وصل الأمر بأحدهم أن تناول عظم بعير فضربني به على أنفي فشجه فقمت إِلى رسول الله (ص) وحكيت له ما جرى، فنزلت الآية المذكورة.

 

وفي "مسند أحمد" و"سنن أبي داود" و"النسائي" و"الترمذي" أنّ عمر (وكان يكثر من الخمر كما جاء في تفسير "في ظلال القرآن" ج 3، ص 33) كان يدعو الله أن ينزل حكماً واضحاً في الخمر، وعندما نزلت الآية (219) من سورة البقرة (يسألونك عن الخمر والميسر...) قرأها رسول الله (ص)، ولكنّه ظل يكرر دعاءه ويطلب مزيداً من التوضيح حتى نزلت الآية (43) من سورة النساء: (يا أيّها الذين آمنوا لا تقربوا الصّلاة وأنتم سكارى) فقرأها رسول الله (ص) أيضاً، غير أنّه إِستمر في دعاءه، حتى نزلت الآية التي نحن بصددها موضحة الحكم بشكل كامل، وعندما قرأها رسول الله (ص) على عمر، فقال: انتهينا انتهينا (1) !


1- تفسير "المنار"، ج 7، ص 50.