سبب نزول الآيات (28-29-30-31) من سور الإسراء

 

﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا {الكهف/28} وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا {الكهف/29} إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا {الكهف/30} أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا {الكهف/31}﴾

 

سبب النّزول

يروي المفسّرون في سبب نزول الآيات الأُولى في هذا المقطع من سورة الكهف المباركة (واصبر نفسك مع الذين يدعون ...) أنَّ مجموعة من أشراف قريش ومِن المؤلّفة قلوبهم جاؤوا إلى رسول الله(ص) وقالوا له: يا رسول الله، إن جلست في صدر المجلس ونحّيت عنّا هؤلاء وروائح صنانهم (كانت عليهم جباب الصوف)(1) جلسنا نحُن إِليك، وأخذنا عنك، لأنَّهُ لا يمنعنا مِن الدخول عليك إِلاَّ هؤلاء.

 

لقد كان هؤلاء الأشراف والمؤلفة قلوبهم يقصدون في كلامهم المستضعفين والفقراء مِن أصحاب رسول الله(ص) مِن أمثالِ سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري وصهيب وعمّار بن ياسر وخباب وغيرهم ممن كان على شاكلتهم، إِذ كان هؤلاء ممن التفَّ حول رسول الله(ص)، ممن قربه رسول الله(ص) إِليه.

 

لذلك اشترط الأشراف على رسول الله(ص) أن يطرد أمثال هؤلاء الفقراء عن مجلسه ونعتوهم بشتى النعوت.

 

وهنا نزلت الآية الكريمة على رسول الله(ص): (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربَّهم بالغداة والعشي يُريدون ...) فلمَّا نزلت الآية قامَ النّبي(ص)يلتمسهم فأصابهم في مُؤَخَّر المسجد يذكرون الله عزَّوجلّ، فقال(ص): "الحمد الله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي معَ رجال مِن أمتي.

 

 معكم المحيا ومعكم الممات".


1  ـ "فرط" تعني التجاوز عن الحد، وكل شيء يخرج عن حدّه ويتحول إلى إسراف يُقال لهُ (فُرط).