قتل المؤمن تعمُّداً
قال تعالى: ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾(1).
دلّت هذه الآية على أن قاتل المؤمن مخلّد في النار، ولا يخلّد في النار إلاّ الكافر الذي يكوت على كفره، لأن الإيمان مهما كان يستوجب المثوبة، ولا بد أن تكون في نهاية المطاف، على ما أسلفنا(2).
كما أنها صرّحت بأن الله قد غضب عليه ولعنه. ولا يلعن الله المؤمن إطلاقاً، كما في الحديث عن الإمام أبي جعفر(عليه السلام)(3).
وم ثَمَّ وقعت أسئلة كثيرة من أصحاب الأئمة بشأن الآية الكريمة:
روى الكليني باسناده إلى سماعة بن مهران، أنه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن الآية، فقال: "من قتل مؤمنا على دينه فذلك المتعمّد الذي قال الله عزوجل: ﴿وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾. قال: فالرجل يقع بينه وبين الرجل شيء فيضربه بسيفه فيقتله؟. قال: ليس ذلك المتعمد الذي قال الله عزوجل ..".
وهكذا أسئلة اُخرى من عبد الله بن بكير وعبد الله بن سنان وغيرهما بهذا الشأن(4).
فقد بيّن الإمام (عليه السلام) أن من يقتل مؤمنا لإيمانه، إنما عمد إلى محاربة الله ورسوله وابتغاء الفساد في الأرض، وليس عمله لغرض شخصي يرتبط بذاته، إنما هو إرادة محق الإيمان من على وجه الأرض. ولا شك أنه كافر محارب لله ورسوله، ومخلّد في النار- إن مات على عقيدة الكفر وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذاباً عظيماً.
وهكذا سار مفسرو الشيعة على هدى الأئمة في تفسير الآية(5).
أمّا سائر المفسرين ففسروه بقتل العمد الموجب للديه(6)، ولم يبينّوا وجه الخلود في النار والغضب واللعنة من الله!.
1- سورة النساء / 93.
2- في الجزء الثالث من التمهيد ص408-409، والجزء الثاني بحث المنسوخات ص339.
3- في حديث طويل رواه الكليني في الكافي ج2 / ص31. والوسائل ج19 / ص10 / رقم 2.
4- الكافي ج7 / ص275- 276، وراجع تفسير العياشي ج1 / ص267 / رقم 236.
5- راجع التبيان -الطوسي- ج3 / ص295، ومجمع البيان -الطبرسي- ج3 / ص93، والصافي -الكاشاني- والميزان -الطباطبائي- ج5 / ص42، وكنز الدقائق -المشهدي- ج2 / ص576، والعياشي ج1 / ص267.
6- راجع الرازي ج10 / ص237، والقرطبي ج5 / ص239، وابن كثير ج2 / ص536، والمنار ج5 / ص339.