صفات الله الثّبوتيةُ الذاتيَّة (الإدراك)(1)

قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيء عَلِيمُ﴾(2).

وقال تعالى ﴿وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيء حَفِيظٌ﴾(3).

وقال تعالى: ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾(4).

وقال سبحانه: ﴿إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾(5).

وقال تعالى: ﴿أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيء شَهِيدٌ﴾(6).

﴿لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾(7).


1- قد عدّ بعض المتكلمين الإِدراك من صفاته، والمدرِك بصيغة الفاعل من أَسمائه، تَبَعاً لقوله سبحانه: ﴿لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ (سورة الأنعام / 103).

ولا شك أَنَّه سبحانه بحكم الآية الشريفة مُدْرِك، لكن الكلام في أنَّ الإِدراك هل هو وصف وراء العلم بالكليّات والجزئيات؟، أو هو يعادل العلم ويرادفه؟، أو هو عِلْم خاص وهو العِلم بالموجودات الجزئية العَيْنِيّة، فإِدراكُه سبحانه هو شهود الأَشياء الخارجية ووقوفه عليها وقوفاً تاماً.

يقول العلامة الطباطبائي: الأَلفاظ المستعملة في القرآن الكريم في أَنواع الإِدراك كثيرة ربما بلغت العشرين كالعِلْم والظَّن والحُسبان والشعور والذِكر والعِرفان والفَهْم والفِقْه والدِراية واليقين والفِكر والرَأي والزَّعم والحِفْظ والحِكْمة والخِبْرة والشَّهادة والعَقْل ويلحق بها مثل القَوْل والفَتوى والبَصيرة.

وهذه الأَلفاظ لا تخلو معانيها عن ملابسة المادَّة والحركة والتَّغيّر، غير خمسة منها وهي: العِلْم الحفظ والحكمة والخبرة والشهادة. فلأجل عدم استلزامها النقص والفقدان استعملت في حقه سبحانه.

وبذلك يظهر أن إدراكه سبحانه ليس شيئا وراء ما جاء في هذه الآيات وعبر عنه بالعليم والحفيظ والخبير والحكيم والشهيد. والأقرب هو كونه بمعنى الأخير (الشهيد)، فشهوده للموجودات وحضورها لدى ذاته وقيامها به قيام المعنى الحرفي بالاسمي، معنى كونه مدركا للأشياء ﴿لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾.

(الإلهيات -آية الله جعفر السبحاني- مؤسسة الامام الصادق (ع) ج1 / ص163-164).

2- سورة النساء / 176.

3- سورة سبأ / 21.

4- سورة البقرة / 234.

5- سورة يوسف / 83.

6- سورة فصلت / 53.

7- سورة الأنعام / 103.