حديث حول سورة المدثر -5

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

 

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وخاتم النبيين حبيب إله العالمين أبي القاسم محمد وعلى آله الأخيار الأبرار الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

 

اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم، وأكرمنا بنور الفهم، وأفتح علينا أبواب رحمتك، وأنشر علينا خزائن علومك.

 

قال الله تعالى في محكم كتابه المجيد:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ / وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ / وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ / فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ / فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ / عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ﴾(1)

 

معنى الرجز:

كنا قد توقفنا في جلسةٍ سابقة عند قوله تعالى: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾، وقلنا إن المراد من الرُجز أو الرِجز على قراءة أخرى يحتمل أكثر من معنى، فالمعنى المناسب لما عليه اللغة هو العذاب، فالرجز هو العذاب، وقد أوضحنا ذلك في جلسةٍ سابقة وأفضنا الحديث حول ذلك، وإذا كان المراد من الرجز في الآية المباركة هو العذاب فالأمر بهجران الرجز معناه الأمر بهجران أسباب الرجز، وأسباب الرجز هو الذنب والإثم والمعصية، فإذا كان الله عز وجل يُخاطب عباده ويأمرهم بأن يهجروا الرجز والرجز هو العذاب، والعذاب خارجٌ عن اختيارهم، وهو من فعل الله عزوجل فمعنى ذلك أنَّه يأمرهم بأنْ يهجروا ما يترتَّب عليه العذاب وما ينشأ عنه العذاب وما يكون سبباً في وقوع العذاب عليهم، ومن الواضح أنَّ السبب الذي يترتَّب عليه وقوع العذاب على العباد هو المعصية والإثم وارتكاب الذنب.

 

وهناك معنى آخر للرجز وهو أن الرجز بنفسه هو المعصية، فالأمر بهجران الرجز أمرٌ بهجران المعصية وأمر بهجران الذنب.

 

والمعنى الثالث الذي ذكره المفسرون للرجز هو الأوثان كما في آيةٍ أخرى: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ﴾(2)، فهنا يأمر الله عزَّ وجل -بناءً على إرادة هذا المعنى- بترك عبادة الأوثان والأصنام.

 

وثمة معنىً رابع ذكره المفسرون للرجز هو أنَّ الرجز يُطلق ويُراد به كلُّ فعلٍ وقولٍ مستقبَح ومستقذَر، فالأمر بهجران الرجز أمرٌ بهجران كلِّ فعل مستقبَح من البغي والظلم والكذب والفاحشة ومطلق المنكرات والأفعال الشنيعة، فالله عزَّوجل يأمر عباده بهجران كلِّ هذه المستقبحات وكلِّ هذه المستقذَرات من الأفعال والأقوال.

 

وثمة رأيٌ أخير ذكره المفسرون وهو أنَّ المراد من قوله تعالى: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ هو الأمر بهجر الدنيا وملاذِّها وزخارفها وزينتها لأنَّ حبَّ الدنيا رأس كلِّ خطيئة، فمتى ما عشق الإنسان الدنيا أهْوته وأرْدته وصرفته عن الله عزوجل وعن شرع الله وعن أوامر الله، وقادته إلى معصية الله عزَّ اسمه وتقدس، وكلُّ معاصي الله وكلُّ الذنوب التي يجترحها الإنسان لو بحثتَ عن منشئها فستجد إنَّه يؤول إلى حبِّ الدنيا، فالإنسان إنَّما يظلم ليستطيل على خلق الله لأنه يريد ويحب أن يكون ملكاً وسلطاناً عليهم، وذلك من حبِّ الدنيا، ويسرق أو يبتز ليتحصَّل على المزيد من المال، وحبُّ المال مظهرٌ من مظاهر حبِّ الدنيا، ويعتدي على أعراض الناس ويرتكب الفاحشة لأنَّ ذلك يُوافق نزواته وشهواته، فإذن انتهاكه لأعراض الناس كان مظهراً من مظاهر حبِّ الدنيا، فحب الدنيا كما أفاد الإمام (ع) رأس كلِّ خطيئة، فلا تجد خطيئةً إلا ومنشؤها حبُّ الدنيا، فالآية المباركة تأمر بهجران الدنيا ليس بمعنى الإعتزال والجلوس في صومعةٍ للعبادة فذلك ليس هو شأن الإسلام، الإسلام جاء فأفاد أنه "لا رهبانية في الإسلام"(3)، "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا"(4)، حالة من التوازن، حالة من الوسطية، المراد من ترك حبِّ الدنيا هو أن لا تقودك الدنيا وأن لا تملكك الدنيا، وكما أفاد الإمام (ع) في مورد من الموارد: "ليس الزهد أن لا تملك شئ، إنما الزهد أن لا يملكك شئ"(5)، قد يكون بيدك الكثير من الأموال وقد تسعى للكثير من شؤونات الدنيا من مالٍ ومسكنٍ وجاهٍ ولكن على أن لا يكون مقادك ذلك المال وذلك المسكن وذلك الجاه، وإنما أنت الذي تدير المال لا أنك تكون مداراً ومقاداً من قبل المال وغيره من مظاهر الدنيا.

 

ولا يبعد، بل هو كذلك، أن المراد من الرجز هو كل هذه المعاني التي ذكرناها، فالرجز هو الوثن وعبادة الصنم سواءً في ذلك الصنم الخارجي أو صنم النفس، كل ذلك وثن وهو رجز، والرجز هو كل مستقبَح من قولٍ وفعل من الكذب والزنا والفاحشة والظلم والبغي والغش والمكر والإساءة والأذى للناس، كلُّ ذلك من الرجز، والرجز عشق الدنيا وحبها والسقوط في وحلها والانقياد لها، كل ذلك من الرجز وقد أُمرنا بأن نهجره،.

 

المراد من الهجران

والمراد من الهجران هي المصارمة والقطيعة المستبطنة للمقت، تلاحظون لو أنَّ إنساناً ترك معصيةً لأنه ليس محتاجاً لها أو غير عابئٍ بها أو لأنَّها غير متاحةٍ له، فإنَّ هذا لا يقال له أنَّه هجر المعصية، فلو أن رجلاً لم يكذب لعدم حاجته في هذا اليوم للكذب فإنَّه لا يقال عنه هجر الكذب، ولو أنَّه لم يرتكب الفاحشة لأنَّه غير قادرٍ على ارتكابها أو أنَّه لم يظلم لأنَّه عاجزٌ عن أن يظلم لضعفه، فمثله لا يقال عنه قد هجر الظلم أو هجر الفاحشة أو هجر المعصية.

 

فالهجران ليس هو مجرَّد الترك وإنَّما هو الترك الناشئ عن القصد وإعمال الإرادة على ترك هذا الشئ الممقوت لله رغم الرغبة فيه والحاجة إليه، عندئذٍ يكون مهاجراً للذنب، ثم إنَّ الهجران يستبطن معنى المقت، فلذلك حينما يقال زيد هجر أخاه فإن ذلك لا يصدق إلا حينما يكون واجداً عليه، فأنت قد لا ترى أخاك عشرة أيام بل سنة كاملة ولا يصدق عليك أنك مهاجر له ومقاطعٌ له، فهو مشغول في شأنه وأنت مشغولٌ بشأنك، فلم يتفق لك أنْ تلتقي به ولم يتفق له أن يلتقيك، ولا يصدق على هذه الحالة أنَّ ثمة مهاجرة وقطيعة بين الأخوين وبين الصديقين، ولكن قد تترك أخاك ساعة أو يوماً فيصدق عليك أنك قد هجرته، لماذا؟ لأن تركك إياه كان عن تعمدٍ ومجافاةٍ ومصارمةٍ وقطيعة، ففي مثل هذا الفرض تكون قد هجرت أخاك، وقد نهت الروايات عن هجران الأخ أكثر من ثلاثة أيام، وقد لا يلتقي أحدنا الآخر سنةً كاملة ولا يقال له أنه هجر أخاه، ولكن يقال لهذا الذي جفا أخاه وتقصَّد قطيعته أنَّه قد هجره، هذا هو المراد من الهجران، فهجران المعصية يعني مجافاتها ومقتها، أن تترك المعصية وأن تمقتها اويكون بينك وبين المعصية حواجز نفسية تحول بينك وبين ارتكابها فذلك هو الهجران، فإذا بلغ الإنسان هذه المرتبة فقد بلغ مرتبة الهجران للرجز.

 

ثم قال تعالى: ﴿وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ﴾.

 

ما هو المراد من المنَّة؟

المراد من المن هو أنْ يُكدِّر الإنسان صنيعه وإحسانه بأنْ يذكر ذلك الصنيع وذلك الإحسان للمنعَم عليه، هذا هو المن، فهو تكدير الصنيع وتكدير الإحسان بذكره للمنعَم عليه أو إفشائه بين الناس فيستشعر المنعَم عليه بالأذى لأن الباذل للإحسان قد منَّ عليه وعيَّره بصنيعه له وإحسانه إليه، وهذا هو الذي تنهى عنه الآية المباركة.

 

وقد أفاد الله عزوجل في آية من القرآن قوله: ﴿لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى﴾(6)، فالصدقة أمرٌ مستحسن، ولكنَّ هذه الصدقة تبطل وينتفي أثرها بالمنِّ والتعيير كأن يقول باذل الصدقة لمن تصدق عليه أو أحسن إليه: ألم أتصدق عليك؟! ألم أنعم عليك؟! ألم أعطك؟! ألم أسدي إليك معروفاً؟! فهذا يمحق الصدقة، يقول تعالى: ﴿قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى﴾ أن تقول له كلاماً طيباً يشرح صدره خير من صدقة يتبعها أذى، ويتبعها منةٌ وتعيير، فالآية تنهى عن المن.

 

يقول الإمام السجاد (ع) في دعاء مكارم الأخلاق: "وأَجْرِ لِلنَّاسِ عَلَى يَدِيَ الْخَيْرَ ولَا تَمْحَقْه بِالْمَنِّ، وهَبْ لِي مَعَالِيَ الأَخْلَاقِ"(7)، من معالي الأخلاق أنك تُوفَّق لأنْ تكون مورداً ومحلاً لجريان الخير على يديك للناس، ولكن ذلك ينتفي أثره ويبطل أثره إذا تعقَّبه منٌّ وتعيير أو إفشاء، فقد لا يعيره أمامه، ولكنه يفشي ذلك في الملاء، فيقول أعطينا فلاناً وأسدينا له معروفاً، ولولا نحن لما صار كذا ولما وقع كذا، وقد توسطنا له فأصبح موظفاً مرموقاً بسببنا ثم يمرُّ علينا فلا يسلِّم، أنت صنعت له المعروف حتى يصير عبداً إليك؟! حتى يخضع إليك، أنت إذن إنسان سئ، أنت جبار، مثل الآخرين، مثل السلاطين الذين يعطون ويطمحون في أن تخضع لهم رعيتهم وأن يكونوا لهم عبيداً، فأنت مثلهم غاية ما في الأمر أنك لست في موقعهم، ولو كنت في موقعهم لكنت طاغوتاً مثلهم، كثير منا يحمل في جوانحه قلب فرعون ولكنه لا يملك ما يملكه فرعون، ولو كان يملك ما يملكه فرعون لصنع ما صنعه فرعون، ينبغي أن نكون دائماً على حذرٍ ومراقبة لما تنطوي عليه نفوسنا، كثيرٌ من الأعمال التي هي في ظاهرها مستحسنة هي في الواقع مستقبحة لأنك تصنعها بقلبٍ ليس هو القلب الذي يريده الله عزوجل، "إنَّ الله لا ينظر إلى أعمالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم ونياتكم"(8)، وكما ورد: "إنما الأعمال بالنيات"(9)، و"نية المؤمن خير من عمله"(10).

 

وقد وتصدَّت رواياتٌ كثيرة لبيان ما يترتَّب على المنِّ من المساوئ والآفات، منها ما ورد عن الإمام عليٍ (ع) قال: "الجود من كرم الطبيعة والمنُّ مفسدة للصنيعة"(11) الصنيعة هي الإحسان، فإذا مننت بصنيعك وإحسانك فقد أفسدته، والإفساد هنا من جهتين:

 

الإفساد من جهة الأثر الأخروي

لأنَّ الله عزوجل أفاد بأنَّ المنَّ يمحق الأجر وكأنَّك لم تتصدق ولم تُسدي معروفاً، تأتي يوم القيامة وقد تصدَّقت بجبالٍ من النقود والأموال لا تجدها إلا سراباً فلم يترتب عليها أجرٌ ولا ثواب، لماذا؟ لأنك محقتها كما أفاد الإمام السجاد، محقتها بالمن.

 

والأثر الآخر في الدنيا

الصدقة أو الهدية أو العطية أو الإحسان أو الصنيع لها أثار اجتماعية بالغة الأهمية، فهي يساهم في تقوية الأواصر بين أفراد المجتمع، وتساهم في أن يتحاب الناس وأن يتوادُّوا فيما بينهم، وتساهم في تقويم البناء الاجتماعي وتماسكه، والمن يؤدي إلى نقيض هذه الأثار، فأنت إذا مننت انقلب حبُّ المنعَم عليه إلى بغض لك، فبدل أن يحبك لأنك أسديت له معروفاً أصبح يكرهك لأنك عيَّرته وفضحته أمام الناس وأذللته وأهنته فوقع من ذلك نقيض الغرض، لذلك أفاد الإمام (ع): "والمن مفسدةٌ للصنيعة"، والقرآن الكريم يقول: ﴿قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ / يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ﴾(12) كلاهما يبطلان صدقاتهم، الذي يرائي بصدقته والذي يمن بصدقته كلاهما لا أثر لصدقتهم ولا ثواب ولا أجر.

 

الصدقة بالمن

﴿لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ﴾(13)، فالقرآن يشبِّه المن بعد الصدقة أو بعد إسداء المعروف يشبِّهه بصخرةٍ ملساء صلبة، فالصفوان هي الصخرة المتصلِّبة التي لا تشرب الماء وهي في ذات الوقت ملساء، ألا تلاحظون بعض الصخور تكون كذلك؟ وهذه حينما يجتمع عليها شئٌ من التراب فإنه بمجرد أن يهطل المطر فإنَّ هذا التراب يتفرق عنها فلا منفعة من هطول المطر عليها، فإن المطر الذي ينزل على التربة التي ليس تحتها صخر ما هو أثره؟ هذه التربة تتغذى بهذا المطر فينشأ عنه نبات وزرع وحياة، أما الصفوان حينما ينزل عليه المطر فإنَّه يفرق التراب الذي عليه، فأثره تفريق التراب بحيث تصبح هذه الصخرة لا فائدة منها ولا نفع لها من جهة الإنبات للزرع، هذا الذي يتصدق ثم يمن بصدقته أشبه شيءٍ بمن وضع تراباً خفيفاً على صخرةٍ ملساء ثم جاء المطر وهو المن ففرق التراب فأصبح لا أثر لصدقته فلا زرع ولا ضرع.

 

الصدقة لوجه الله

بخلاف الذي يتصدق قاصداً وجه الله عزوجل، يقول الله تعالى: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ -الربوة الأرض المرتفعة عميقة التراب لو هطل المطر عليها لا يتفرق التراب عنها لأنَّ كلها تراب- أَصَابَهَا وَابِلٌ -يعني مطر- فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ -وحتى لولم ينزل المطر فإنَّه يكفي الطل لإنتاج وإنبات الزرع- فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ﴾(14).

 

فالصدقة حتى لو كانت يسيرة فإنًّ أثرها كبير، والصدقة وإن كانت خطيرة إلا انه إذا كان قد أتبعها بأذىً ومنٍّ وتعيير فإنَّها لن تكون إلا كصفوانٍ عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلداً لا يقدرون على شئ مما كسبوا، أي انه لا ينتفع بشيء مما كان قد فعله، فلو انَّ هذا قد وضع على الصخر تراباً ثم زرعه فإنه حين يهطل المطر فإنَّ هذا الزرع والتراب يصبح في حيز الضياع، ولو وضع على الصخرة تراباً وسماداً ثم بذر فيه البذور فإنَّ المطر حين يهطل فإن أثر المطر لن يكون كما يتوقعه من انبات البذور بل إن أثر الهطول هو تفريق التراب من على الصخرة، فحين يعود بعد هطول المطر إلى موضع التراب والبذور فإنه لن يجد سوى صخرةٍ ملساء ناتئة، فتكون جهوده التي بذلها في تسوية التربة وتسميدها وبذرها قد ذهب سدى، هذا هو معنى ما أفدته الآية المباركة.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- سورة المدثر / 5-10.

2- سورة الحج / 30.

3- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج65 / ص318.

4- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج17 / ص76.

5-ميزان الحكمة -محمد الريشهري- ج4 / ص2990.

6- سورة البقرة / 264.

7- الصحيفة السجادية -الإمام زين العابدين (ع)- ص92.

8- قال رسول الله (ص): "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأعمالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم". بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج67 / ص248.

9- وسائل الشيعة (آل البيت)-الحر العاملي- ج1 / ص48.

10- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج1 / ص50.

11- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج74 / ص421.

12- سورة البقرة / 263-264.

13- سورة البقرة / 264.

14- سورة البقرة / 265.