معنى: ﴿وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

ما معنى قوله تعالى: ﴿وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾(1)؟

 

الجواب:

المراد من هذه الفقرة من الآية العاشرة من سورة الممتحنة هو النهي عن الإبقاء على الزوجيَّة التي بين الرجل إذا أسلم وبين الكافرة إذا بقيتْ على كفرها.

 

فموردُ الآية المباركة هو ما لو أسلم رجلٌ وكانت في عصمتِه امرأةٌ  كافرة أَبتْ عليه أنْ تُسلم، فالآية تنهى مثلَ هذا الرجل عن الإمساك بالعصمة التي بينه وبينها أي أنَّها تنهاهُ عن الإبقاء على الزوجيَّة التي بينه وبينها. فمعنى الإمساك هو الإبقاء، ومعنى العصمة هي عقد النكاح المُنتِج للزوجيَّة.

 

وقد ورد بيان هذا المعنى لهذه الفقرة من الآية في المأثور عن أهل البيت (ع) فعن أبي جعفر (ع) في قوله تعالى: ﴿وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾، قال: "مَن كانت عنده امرأة كافرة -يعني على غير ملَّة الاسلام- وهو على ملَّة الاسلام فليَعرض عليها الاسلام، فإنْ قبِلت فهي امرأتُه وإلا فهي بريئة منه، فنهى اللهُ أن يَستمسِك بعصمتِها"(2).

 

دلالة الآية حرمة نكاح الكافرة ابتداءً:

وعليه فالآيةُ تدلُّ على حرمة نكاح الكافرة ابتداءً بالملازمة أي أنَّه إذا كان الاستمرار على نكاح الكافرة محرَّماً تكليفاً ووضعاً فهو بالملازمة محرَّمٌ ابتداءً.

 

فلا يجوز ولا يصحُّ للمسلم أنْ يتزوَّج من المرأة الكافرة. وذلك إمَّا بتقريب أنَّه بمجرد إيقاع العقد على الكافرة فإنَّه سيُخاطب بالنهي عن الإمساك بعصمتها والاستمرار على زوجيَّتها، فكلُّ آنٍ من آنات النكاح بعد العقد إمساكٌ بعصمةِ الكافرة فهو مشمول للنهي عن الإمساك بعصمة الكافرة.

 

أو بتقريب أن المُستظَهر عرفاً من النهي عن الاستمرار هو النهي عن أصل الإيقاع للعقد على الكافرة. فالعرف يفهم من مخاطبة الشارع المسلمين بعدم الإمساك بعصَم الكوافر هو النهي عن نكاح الكافرات مطلقاً، غايته أنَّه إنَّما نصَّ على الإمساك بعصم الكوافر لأنَّه الفرض الأخفى، فلعلَّ أحداً يتوهَّم أنَّ الشروع في إيجاد النكاح محرَّم وأمَّا الاستمرار على النكاح الذي وقع قبل الإسلام فليس محرَّماً، فمِن أجل نفي هذا التوهُّم تمَّ التنصيص على أنَّ الحرمة لنكاح الكافرة يشملُ حتى هذا الفرض.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- سورة الممتحنة / 10.

2- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج20 / ص542.