نبيُّ الله اليسع (ع)

 

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

ورد اسم نبيِّ الله اليسع (ع) في القرآن الكريم، فمَن هو هذا النبيُّ؟ وإلى مَن بُعث؟

 

الجواب:

نعم، أورد القرآنُ الكريم اسم "اليَسع" في موضعين:

الموضع الأول: في سورة الأنعام وهو قوله تعالى: ﴿وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ﴾(1) فاسم اليَسع في الآية ورد في سياق التعداد لعددٍ من الأنبياء كما يشهدُ لذلك قولُه تعالى -مشيراً إلى من تمَّ تعداد أسمائهم-: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ﴾(2).

 

الموضع الثاني: في سورة (ص) وهو قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَار﴾(3).

 

وأمَّا مَن هو هذا النبيُّ فإنَّ القرآنَ الكريم لم يتصدَّ لبيانِ أحوالِه والتعريفِ بهويَّتِه لكنَّ المعروفَ بين المفسِّرين أنَّه من أنبياءِ بني اسرائيل، وقيل إنَّ اسمَه واسمَ أبيه اليسع بن اخطوب بن العجون، واليسع اسمٌ أعجمي غيرُ مشتقٍّ، وقرأ حمزة والكسائي اسمَه بلامين: "واللَّيْسع "مشدَّداً وسكونْ الياء على وزن (ضَيْغَم) وقرأ الباقون "واليَسع "بالتخفيف بلامٍ واحدة.

 

وليس في رواياتِنا شرحٌ لأحوال هذا النبيِّ، نعم ورد في عيون أخبار الرضا وفي كتاب التوحيد للشيخ الصدوق بسنده عن الحسن بن محمد النوفليِّ عن أبي الحسن الرضا (ع) فيما احتجَّ به على جاثليق النصارى في حديثٍ طويلٍ وردَ فيه: أنَّ الإمام الرضا (ع) قال للجاثليق: "ما أنكرتَ أنَّ عيسى (ع) كان يُحيي الموتى بإذنِ الله عزَّ وجل؟! قال الجاثليق: أنكرتُ ذلك من أجلِ أنَّ مَن أحيى الموتى وأبرءَ الأكمَهَ والأبرصَ فهو ربٌّ مُستحِقٌّ لأنْ يُعبد!! فأجابه الرضا (ع) بجوابٍ وردَ فيه: "فإنَّ اليَسعَ قد صنعَ مثلَ صنعِ عيسى (ع) مشى على الماء، وأحيى الموتى وأبرءَ الأكمَهَ والأبرصَ فلم تتَّخذْه أُمَّتُه ربَّاً، ولم يعبدْه أحدٌ من دون اللهِ عزَّ وجل .."(4).

 

فهذه الروايةُ تُشير إلى المعجزاتِ التي ظهَرتْ على يدِ هذا النبيِّ الكريم، ويظهرُ ممَّا ورد في تتمَّة الرواية أنَّ اليسع كان قد بُعث قبلَ عيسى (ع)، قال: ".. ثم أقبل الرضا (ع) على النصرانيِّ فقال: يا نصرانيُّ أفهؤلاءِ كانوا قبلَ عيسى أم عيسى كان قبلَهم؟ قال: بل كانوا قبلَه، فقال (ع): فمتى اتَّخذتم عيسى ربَّاً جازَ لكم أنْ تتَّخذوا اليَسعَ وحِزقيل، لأنَّهما قد صنعا مثلَ ما صنعَ عيسى من إحياءِ الموتى وغيره ..".

 

وورد في كتاب الكافي للكليني بسنده عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَكَرِيَّا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه (ص): عَلَيْكُمْ بِالْكَرَفْسِ فَإِنَّه طَعَامُ إِلْيَاسَ والْيَسَعِ ويُوشَعَ بْنِ نُونٍ"(5).

 

وهذه الروايةُ ظاهرةٌ أنَّ اليَسع (ع) ليس هو يوشع بن نون كما زعم البعض، إذ انَّ العطف يقتضي المغايرة.

 

هذا وقد ورد من طُرق العامَّة أنَّ اليسعَ (ع) بُعث بالنبوَّة في بني إسرائيل بعد نبيِّ الله إلياس (ع) وذكر بعضُهم أنَّه كان ابنَ عمِّه وأنَّه تلميذُه وخليفتُه. وورد في طرقِهم عددٌ من الروايات المتصدِّية لشرح بعض أحوالِ اليَسع (ع) ولكنَّه لا يصحُّ التعويلُ على شيءٍ منها.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- سورة الأنعام / 86.

2- سورة الأنعام / 89.

3- سورة ص / 48.

4- عيون أخبار الرضا (ع) -الشيخ الصدوق- ج1 / ص143، التوحيد -الشيخ الصدوق- ص422.

5- الكافي -الشيخ الكليني- ج6 / ص366.