تمحيصُ الله لعباده لا ينفي علمه بواقعهم

شبهة مسيحي:

آلهة القرآن تبتلي البشر وتُصبيها بالقروح والجروح لتعلم، إذن علمها ناقص يحتاج لإمتحان وزمن، والدليل قوله: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾(1) وقوله: ﴿إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾(2) وقوله: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾(3).

 

الجواب:

تحصيلُ العلم غير مرادٍ قطعاً:

ليس المرادُ من مثل قوله تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُم﴾ وقوله تعالى: ﴿إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ وقوله تعالى: ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ﴾(4) ليس المراد من مثل هذه الآيات ما توهَّمه صاحبُ الشبهة من أنَّ الله جلَّ وعلا يجهلُ بواقع عباده فهو يمتحنهم ويبتليهم ليعلم بما هم عليه من واقعٍ كان مجهولاً عنده، إنَّ هذا المعنى ليس هو المراد من هذه الآيات قطعاً.

 

فإنَّ القرآن الكريم مليئ بالآيات الصريحة والواضحة في إفادة أنَّ الله تعالى يعلمُ من عباده ما يُسرُّون ومايُعلنون، ويعلم من أقوالهم وأفعالهم ما يتجاهرون بها وما يتكتَّمون عليها، ويعلمُ بمَن هو المُصلِحُ من عباده ومَن هو المُفسِد، ويعلم ما تُكنُّه صدورهم من خطَراتٍ وهواجسَ وأفكارٍ وعزائم، وما يُضمرونه من حبٍّ وبغض وكيدٍ وحسدٍ وحزنٍ وإبتهاج، وما تنطوي عليه قلوبُهم من إيمانٍ أو كفرٍ أو نفاق، وهو كذلك يعلمُ بدقائق ما كان عليه ماضيهم وبما عليه حاضرُهم ويعلم بمصائرهم، وليس ذلك وحسب بل أفادت الآياتُ أنَّه تعالى يعلم بما في السماوات وما في الأرض من خطير خلقِه وحقيره، ويعلم بما ينزل من السماء وما يعرجُ فيها وما يلجُ في الأرض وما يخرجُ منها، فكلُّ خلق الله تعالى من الملائكة والجنِّ والإنس والطير والدوابِّ والنبات والجماد ما خطُر منه وما حقُر، وما دقَّ منه وما جلَّ، وما كان مرئياً وما ليس بمرئي فإنَّ الله تعالى يعلمُ بوجوده ومقداره ومقرِّه ومستودعه ومآله وأحواله ووظائفه، فما يعزبُ عنه من مثقال ذرةٍ أو دونها في الأرض ولا في السماء، كلُّ ذلك أفادته الآيات وصرَّحت به وأوردته بصيغٍ متعدِّدة.

 

وللتثبُّت ممَّا ذكرناه نتيمَّن بنقل بعض هذه الآيات:

أولاً: الآيات التي أفادت أنَّ الله تعالى بكلِّ شيءٍ عليم، وهي آياتٌ كثيرة نذكر منها قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾(5).

 

ومنها: قوله تعالى ﴿قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾(6).

ومنها: قوله تعالى: ﴿ومَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾(7).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾(8).

ومنها: قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ﴾(9).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ﴾(10).

ومنها: قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إلى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾(11).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ﴾(12).

ومنها: قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾(13).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾(14).

ومنها: قوله تعالى: ﴿قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾(15).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾(16).

ومنها: قوله تعالى: ﴿يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾(17).

 

فهذه الآيات صريحةٌ في شمول علم الله تعالى وإستيعابه لكلِّ شيء وإنْ دقَّ فكان دون الذرَّة أو جلَّ فكان بحجم السماوات والأرض أو ظهر كما هو هذا الكون الواسع أو خفيَ فكان من مكنون الغيب.

 

ثانياً: الآيات التي أفادت أنَّ الله تعالى يعلم بمقادير الأشياء وإنْ دقَّت وأعدادها وأحوالها وآجالها، فمن ذلك قوله تعالى: ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ﴾(18).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾(19).

ومنها: قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾(20).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾(21).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾(22).

ومنها: قوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ﴾(23).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾(24).

ومنها: قوله تعالى: ﴿وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾(25).

 

هذه الآيات فصَّلت ما كانت قد أوجزته الآيات الأولى، فأفادت أنَّ الله تعالى يعلم ما تحمله كلُّ إنثى من بني الإنسان والحيوان، ويعلم عن الوقت الذي ستضع فيه كلُّ أنثى حملها، وهو يعلم بكلِّ ما في الغيب وبكلِّ ما هو في عالم الشهود، وليس من شيءٍ من الأحياء والجمادات في البرِّ والبحر إلا وهو تعالى يعلم به تفصيلاً، فلا تسقط ورقةٌ من شجرةٍ ولا حبة في ظلمات الأرض، ما هو مأهولٌ منها وما هو غير مأهول، وليس من رطْبٍ في هذا الكون ولا يابسٍ إلا وهو يعلمه، وهو في كتابٍ مبين أي هو مقدَّر عنده مرصودٌ في علمه.

 

ثم إنَّه تعالى يعلم ما يجترحه عبادُه وقد قضى لهم آجالاً سمَّاها لهم وقدَّرها عليهم، وهو كذلك يعلم ما يلج في باطن الأض من مقادير المياه وأعداد الدواب وأصنافها والبذور وعروق الأشجار وغير ذلك من الأجسام، ويعلم ما ينزل من السماء من ملا ئكته وسكَّانِ سماواته وما يهبط منها من شهبٍ ونيازك، ويعلم مقدار ما ينزل من أمطار، وكذلك هو يعلم بما يعرج إلى السماء من ملائكةٍ وأرواحٍ وأصواتٍ ودعواتٍ وإبتهالات وغير ذلك.

 

ثالثاً: الآيات التي أفادت أنَّ الله تعالى يعلم بكلِّ أفعال العباد وأقوالهم، فمن ذلك قوله تعالى: ﴿وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ﴾(26).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾(27).

ومنها: قوله تعالى: ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ﴾(28).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾(29).

ومنها: قوله تعالى: ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾(30).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ﴾(31).

ومنها: قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ﴾(32).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾(33).

ومنها: قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ﴾(34).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾(35).

ومنها: قوله تعالى: ﴿إلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى﴾(36).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾(37).

ومنها: قوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾(38).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾(39).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾(40).

ومنها: قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾(41).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾(42).

ومنها: قوله تعالى: ﴿قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم﴾(43).

 

فهذه الآيات كما تلاحظون صريحةٌ في أنَّ الله تعالى يعلم بكلِّ ما يفعله العباد من ملائكةٍ وجنٍّ وإنس بل وكلِّ نفس، ولا يخفى عليه من أفعالهم فعلٌ وإنْ كان حقيراً لا يُعبأ به ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ وكذلك هو يعلم بكلِّ أقوالهم وإنْ أسرُّوا بها بل وإنْ كانت بنحو حديث النفس: ﴿وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ﴾(44) فهو يحصي كلَّ ذلك عليهم ﴿ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾(45).

 

رابعاً: الآيات التي أفادت أنَّ الله تعالى يعلم ببواطن عباده، فمن ذلك قوله تعالى: ﴿أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾(46).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ﴾(47).

ومنها: قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا﴾(48).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾(49).

ومنها: قوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾(50).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ﴾(51).

ومنها: قوله تعالى: ﴿مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ﴾(52).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور﴾(53).

ومنها: قوله تعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾(54).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾(55).

ومنها: قوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ﴾(56).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾(57).

ومنها: قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾(58).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾(59).

ومنها: قوله تعالى: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾(60).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾(61).

ومنها: قوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾(62).

 

الأسرار التي يحرص الإنسان على كتمها عن أقرب المقرَّبين، والمعتقدات التي تنطوي عليها القلوب ونزغات الشيطان وهواجس النفس وتقلُّباتها وخطَرات الأفكار وكمائن الصدور وما تستبطنها من محبةٍ ورحمة أو ضغينةٍ وقسوة أو حزنٍ أو إبتهاج وما أشبه ذلك، كلُّ ذلك يعلمه الله تعالى فهو: ﴿أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾(63).

 

خامساً: الآيات التي أفادت أنَّ الله تعالى يعلم بأحوال عباده وماضيهم ومستقبلهم، فمن ذلك قوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾(64).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾(65).

ومنها: قوله تعالى: ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾(66).

ومنها: قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ﴾(67).

 

ومنها: قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾(68).

ومنها: قوله تعالى: ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾(69).

 

مالكم كيف تحكمون؟!

هذه بعض الآيات التي تصدَّت لبيان سعة علم الله تعالى واستيعابه، وهي موزَّعةٌ على سور القرآن، وما أغفلنا ذكره منها أكثر مما أوردناه، وهي كما تلاحظون صريحةٌ في كمال علم الله تعالى وشموله لكلِّ شيءٍ وإنْ دقَّ فكان دون الذرة أو جلَّ فكان بسعة السماوات والأرض، وهي صريحةٌ في أنَّ علمه تعالى لا يختصُّ بالمحسوسات والمشهودات بل هو شاملٌ للمغيَّبات فهو عالمُ الغيب والشهادة، وكلُّ مفاتيح الغيب عنده ومن تدبيره، ولا يختصُّ علمه بما مضى وبما عليه الحال بل هو عالمٌ بكلِّ مآلات الأمور وخواتيمها، ويعلم بتصرُّفات النفوس وتقلُّباتها وهواجسها وما استقرَّت عليه وأذعنت له وما جحدته وتنكَّرت له، وما كانت منه في حيرة وتردُّد، وهو يعلم بالنفوس المُثقلة بالكفر أو النفاق أو الشرك والمُثقلة بالأحقاد والأضغان والحسد والكيد والخيانة والإستكبار والعُجب، ويعلم بالنفوس الطاهرة والطيِّبة والصافية من الأكدار والمستنيرة بالهدى، فهو يعلم مَن هو المُصلح من المفسد لأنَّه عليمٌ بذات الصدور، فإذا كان جلَّ وعلا كذلك والآيات صريحةٌ في ذلك فكيف يسوغ لمنصفٍ يحترم عقله أنْ يغضَّ الطرف عن هذا الكم الوافر من الآيات رغم صراحتها ثم يُفسِّر مثل قوله تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾(70) بأنَّ الله لا يعلم بمَن هم المجاهدون والصابرون لذلك فهو يبتلي العباد ليتميَّز عنده المجاهدون والصابرون من غيرهم؟!

 

الشبهة مخالفة لمسلك العقلاء:

إنَّ هذا النحو من التفسير سلك غير مسلك العقلاء واعتمد غير أصولهم، فالعقلاء وأهل المحاورة إذا وققوا على خبرين لمتكلمٍ واحد وكان أحد الخبرين قد تكرَّر منه كثيراً بصيغٍ متعدِّدة، وكان مضمونه من الوضوح بحيث لا يشك أحدٌ في مراده منه، وكان الخبر الآخر له ظهور بدوي فيما يُنافي الخبر الأول ولكنَّه يحتمل معنىً آخر لا يُنافي الخبر الأول الذي كان قد تكرَّر منه كثيراً وكان صريحاً في المراد، فالعقلاء وأهل المحاورة في مثل هذا الفرض يحملون الخبر الثاني على المعنى الذي لا يُنافي الخبر الأول، فهم لا يغضُّون الطرف عن الخبر الأول بل يجعلون منه قرينةً قطعيَّةً على أنَّ المراد من الخبر الثاني ليس هو المعنى المستظهَر بدْواً منه وإنَّما هو المعنى غير المنافي للخبر الأول.

 

مثالٌ للتوضيح:

فحينما يخرج الوزير الأول للناس وينعى السلطان ويُخبر عن أنَّه قد مات ثم يُخبر في ذات المجلس أو غيره أنَّ السلطان قد مات إثر وعكةٍ صحيَّةٍ ألمَّت به، ويُخبر كذلك في موضعٍ آخر أنَّ السلطان قد أوصى قبل موته بكذا وصية، ويُخبر أنَّه فرغ من دفنه في مسقط رأسه، ويُخبر كذلك أنَّه يستقبل العزاء بموت السلطان عصراً، ثم يُعلن الحداد لموت السلطان ثلاثة أيام، بعد كلِّ هذه الإخبارات بموت السلطان لو قال الوزير الأول في بعض مجالسه أو أحد خطاباته: إنَّ السلطان لم يمت، فهل يأخذ العقلاء بظاهر الخبر الثاني ويغضُّون النظر عن وضوح الخبر الأول وتكثُّره وبذلك يتَّهمون الوزير الأول بالكذب في أحد الخبرين أو أنَّهم يحملون الخبر الثاني على معنىً لا يُنافي الخبر الأول أي أنَّهم يجعلون الخبر الأول قرينةً على إرادة المعنى المجازي من الخبر الثاني فيبنون على أنَّه أراد من قوله إنَّ السلطان لم يمت هو انَّ إسمه مثلا سيبقى حاضراً في ذاكرة رعيَّته لأنَّه كان كثير الإحسان إليهم.

 

تطبيق مسلك العقلاء في المقام:

والأمر كذلك في المقام فقد أخبر القرآن الكريم أنَّ الله تعالى بكلِّ شيئءٍ عليم وبكلِّ شيءٍ محيط وبكلِّ شيءٍ بصير وعلى كلِّ شيءٍ شهيد، وانَّه يعلم السرَّ وأخفى، ويعلم السرَّ في السماوات والأرض، وأنَّه لا يعزب عنه مثقال ذرةٍ في السماوات والأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، وأنَّه عالمُ الغيب والشهادة، وأنَّ كلَّ مفاتيح الغيب عندَّه، وأنَّه يعلم ما تكسب كلُّ نفسٍ من خيرٍ أوشر ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ﴾(71) ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ﴾(72) ﴿إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾(73) ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾(74) ﴿يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾(75) ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ﴾(76) ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾(77) وقد أخبر عن المنافقين المتكتِّمين على نفاقهم بقوله: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ﴾(78) وقال في موردٍ آخر: ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ﴾(79) وقال تعالى لنبيِّه (ص) في شأن الأسرى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا﴾(80) وقال مخاطباً النبيَّ (ص) وزوجاته وعموم المؤمنين: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا﴾(81) وقال تعالى لعموم عباده: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾(82) وقال تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾(83) وقال جلَّ وعلا: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾(84) وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾(85).

 

فهل العقلاء وأهل المحاورة بعد ملاحظة كلِّ هذه الآيات يفهمون من قوله تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾(86) ما فهمه صاحب الشبهة من أنَّ الله جلَّ وعلا أراد القول بأنَّه لا يعلم بالمجاهدين والصابرين لذلك فهو يبتليهم ليتميَّز عنده المجاهدون والصابرون من غيرهم أو أنَّهم يجعلون من الآيات بعد صراحتها مضافاً لكثرتها قرينةً قطعيَّة على أنَّ المراد من هذه الآية ليس هو ما توهَّمه صاحبُ الشبهة من أنَّ الله تعالى ينفي العلم عن نفسه بمَن هم المجاهدون والصابرون.

 

هل نُسيت كلُّ تلك الآيات؟!

إنَّ هذا الفهم الذي توهَّمه صاحب الشبهة لا يتعقَّل منصفٌ أن يكون هو المراد إلا مع البناء على أنَّ مُنزِّل القرآن قد نسيَ كلَّ ما أورده من تلك الآيات، وهذا لا يحتمله عاقل يحترم عقله لأنَّ القرآن لو أورد آيةً واحدة صريحةً في علم الله تعالى بما تُكنُّه قلوب عباده لكان ذلك كافياً للجزم بإمتناع نسيانها، وذلك لأنَّ القرآن ليس من قبيل ما يكتبه أحدُهم في بعض صحائفه ثم يُودعه في خُزانته أو ينشره فيمضي على ذلك زمنٌ فينسى ما كان قد كتبه أو بعضَه، إنَّ آيات القرآن ليست من هذا القبيل ذلك لأنَّ النبيَّ (ص) وسائر المسلمين يتلون آيات القرآن ليلَ نهار في صلواتهم الخمس اليوميَّة ونوافلهم ومحافلهم وخلواتهم ويتعاهدونها بالحفظ عن ظهر قلب والتلاوة لها في كلِّ وقت بقصد التيمُّن وتحصيل الثواب ويردِّدونها على صغارهم لتحفيظهم إيَّاها ويستنسخها الكتَّاب منهم ويتخابرون فيما بينهم كلَّما نزلت آيةٌ على قلب الرسول (ص) فلا يكون من المعقول أنْ ينساها أو لا أقلَّ مضمونها النبيُّ (ص) والمسلمون مجتمعين، وقد فصلنا ذلك في موارد عديدة من هذا الكتاب، فلو كان ما نزل حول علم الله بما تُكنُّه الصدور أيةٌ واحدةٌ صريحةٌ وحسب فإنَّ البناء على نسيانها أمرٌ ممتنع الوقوع كيف والآيات من الكثرة في ذلك بحيث لا تكاد تخلو منها سورةٌ من سور القرآن بل لا تكاد تمرُّ صفحاتٌ ثلاث أو أربع من القرآن لا تجد فيها ما يدلُّ على سعة علم الله تعالى وإستيعابه لكلِّ شيءٍ مماهو مشهود وما هو في مكنون الغيب، وهذه الآيات منها ما نزل قبل مثل الآية المذكورة ومنها ما نزل بعدها، ولذلك فإنَّ مقتضى الأصول العقلائية في كيفيَّة التلقّي والتعاطي مع كلمات المتكلِّمين في مثل هذا الفرض هو حمل الآية المذكورة على معنىً لا يتنافى مع صريح الآيات الكثيرة التي ذكرنا بعضها وإعتبارها قرينةً قطعيَّة على تحديد ما يُراد من الآية المذكورة.

 

بيان المراد من الآيات الشريفة:

إذا اتَّضح ما ذكرناه فالمراد من قوله تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾ هو أنَّ الغرض من الإبتلاء هو تمييز المجاهدين والصابرين ممَّن عداهم للناس، فقوله: ﴿حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ﴾ معناه حتى نميِّز المجاهدين والصابرين من غيرهم.

 

﴿حَتَّى نَعْلَمَ﴾: حتى نُميِّز ونُظهر:

فالآية إستعملت كلمة العلم وأرادت منه أحد لوازمه وآثاره الظاهرة وهو التمييز، فحيث إنَّ أحد أهم آثار العلم بهويَّة الشيء وحقيقته ومشخِّصاته هو تمييزه عما عداه لذلك ساغ إستعمال كلمة العلم وإرادة هذا الأثر الظاهر له.

 

لا منافاة بين الآيات:

وعليه لا تكون الآية منافية للآيات الكثيرة والصريحة في أنَّ الله تعالى يعلم بما عليه واقع عباده مطلقاً، فهو تعالى وإنْ كان يعلم بواقعهم وبواطنهم لكنَّ غيره لا يعلم بذلك، فالمجاهدون والصابرون الحقيقيون غير متميِّزين عند الناس عمَّن عداهم فيكون إبتلاء الله تعالى لهم بالمحن والمصائب وبالتكليف بالجهاد هو أحد الوسائل المُنتِجة لتشخيصم عمَّن عداهم، فمَن صبر على المصائب وجاهد في سبيل الله تعالى ظهر للناس أنَّه من الصابرين والمجاهدين ومَن نَكلَ كان ممَّن عداهم، فالإبتلاء من الله تعالى لعباده صار سبباً لظهور واقعهم للعيان بعد أن كان خفيَّاً عن غير الله تعالى، وكذلك فإنَّ تميُّز واقع المجاهدين والصابرين عن غيرهم يكون حجةً لله تعالى عليهم، إذ لا يصح مُساءلة غير الملتزمين بتكليف الله تعالى قبل تكليفهم وتميُّز الممتثلين من غيرهم، فالتمييز الناشئ عن الإبتلاء هو المصحِّح للمُساءلة والمجازاة، فيكون مساق الآية المباركة هو مساق قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ﴾(87) وقوله تعالى: ﴿لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾(88) فالإستحقاق للعذاب لا يكون دون ظهور التخلُّف عن الإلتزام بتكليف الله جلَّ وعلا، فهو المصحِّح للإحتجاج، وهو المصحِّح للمجازاة، ولا تكون الوسيلة للتمييز بين الخبيث والطيِّب هي الإخبار من الله بمَن هو الطيب واقعاً ومن هو الخبيث، إذ انَّ ذلك لا يُصحِّح وحده الإحتجاج والمجازاة بنظر العقلاء، لذلك قال الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ﴾(89) فهو تعالى وإنْ كان يعلم بمكنون ما تنطوي عليه قلوبهم إلا أنَّ تمييز الخبيث من الطيِّب لا يتمُّ بذلك وإنَّما يتمُّ بالإبتلاء ليظهر للعيان ولأنفسهم مَن هو الطيِّب ومَن هو الخبيث فيكون ذلك مصحِّحاً للإحتجاج والمجازاة.

 

وممَّا ذكرناه يتَّضح المراد من مثل قوله تعالى: ﴿إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾(90) وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ (91) وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾(92) وقوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾(93) فالمراد من تمام هذه الآيات وشبهها هو التمييز والإظهار، فالمراد مثلا ًمن قوله: ﴿فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾(94) هو فليظهِرنَّ اللهُ وليميِّزنَّ اللذين صدوقوا وليُظهِرنَّ وليُميِّزنَّ الكاذبين، وذلك بتمحيصهم وامتحانهم وتكليفهم، فمَن ثبت وامتثل بالتكاليف فهو ممَّن يخاف الله، وهوممَّن يتَّبع الرسول (ص) وهو من الصادقين في دعواه الإيمان، ومَن لم يثبت ولم يلتزم بإمتثال التكاليف فهو ممَّن اعتدى، وممَّن انقلب على عقبيه، وهو من الكاذبين.

 

مؤيِّدان لدفع الشبهة:

المؤيِّد الأول:

والذي يُؤيِّد أنَّ المراد من مثل قوله: ﴿حَتَّى نَعْلَمَ﴾ أو ﴿فَلَيَعْلَمَنَّ﴾ في هذه الآيات ليس هو ما توهَّمه صاحب الشبهة من أنَّ الله لم يكن يعلم ثم يحصل له العلم بالإبتلاء، وإنَّما المراد منه التمييز والإظهار، الذي يُؤيِّد إرادة ذلك هو مثل قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ﴾(95) فإنَّ الآية بعد أن صرَّحت أنَّ الله تعالى أعلم بما في صدور العالمين قالت: ﴿وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ﴾ مما يكشف كشفاً قطعيَّاً عن أنَّ المراد من قوله: ﴿وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ﴾ ليس هو العلم بعد الجهل وإلا فكيف يكون أعلم بما في صدور العالمين ثم يقول في ذات الوقت أنَّه لايعلم بالمؤمنين والمنافقين وأنَّه يبتليهم حتى يحصل له العلم؟!

 

المؤيد الثاني:

وكذلك يمكن التأييد بقوله تعالى: ﴿وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾(96) فقد أفادت الآية أنَّه يبتلي ما في صدورهم، وهو من مكنون الغيب، ويمحِّص مافي قلوبهم، وهو من مكنون الغيب ثم يقول انَّه: ﴿عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ فإذا كان يعلم مافي صدورهم فلماذا الإبتلاء والتمحيص لولم يكن الغرض منه التمييز والإظهار، وليس تحصيل العلم لأنَّه صرَّح في ذيل الآية انَّه: ﴿عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

من كتاب شبهات مسيحيَّة


1- سورة محمد / 31.

2- سورة آل عمران / 140.

3- سورة البقرة / 143.

4- سورة الحديد / 25.

5- سورة المائده / 97.

6- سورة الحجرات / 16.

7- سورة التغابن / 11.

8- سورة الحجرات / 16.

9- سورة فصلت / 53-54.

10- سورة الملك / 19.

11- سورة البقرة / 29.

12- سورة الانبياء / 81.

13- سورة الحج / 17.

14- سورة يس / 79.

15- سورة الفرقان / 6.

16- سورة سبأ / 3.

17- سورة لقمان / 16.

18- سورة الرعد / 8.

19- سورة لقمان / 34.

20- سورة الحج /70.

21- سورة الأنعام / 59-60.

22- سورة يونس /61.

23- سورة سبأ / 2.

24- سورة الشورى / 27.

25- سورة الفرقان / 11.

26- سورة الرعد / 42.

27- سورة الأنعام / 60.

28- سورة لأنعام / 3.

29- سورة التوبة / 7.

30- سورة طه / 6-7.

31- سورة الانبياء / 110.

32- سورة محمد / 30.

33- سورة آل عمران / 120.

34- سورة آل عمران / 98.

35- سورة الحجرات / 18.

36- سورة الأعلى / 7.

37- سورة البقرة / 234.

38- سورة سبأ / 2.

39- سورة يونس / 61.

40- سورة الزلزلة / 7-8.

41- سورة المجادلة / 6.

42- سورة المجادلة / 7.

43- سورة الأنبياء / 4.

44- سورة الأنبياء / 44.

45- سورة المجادلة / 7.

46- سورة البقرة / 77.

47- سورة محمد / 26.

48- سورة الأحزاب / 51.

49- سورة البقرة / 220.

50- سورة البقرة / 235.

51- سورة المائدة / 98.

52- سورة المائدة / 99.

53- سورة هود / 5.

54- سورة القصص / 69.

55- سورة غافر / 19.

56- سورة يوسف / 50.

57- سورة التغابن / 4.

58- سورة ق / 16.

59- سورة آل عمران / 119.

60- سورة الأعراف / 200.

61- سورة المائدة / 166.

62- سورة التوبة / 78.

63- سورة ق / 16.

64- سورة البقرة / 255.

65- سورة طه / 110.

66- سورة الحج / 75.

67- سورة محمد / 19.

68- سورة لقمان / 34.

69- سورة الملك / 13.

70- سورة محمد / 31.

71- سورة الأنعام / 3.

72- سورة محمد / 30.

73- سورة الحجرات / 18.

74- سورة المجادلة / 6.

75- سورة البقرة / 77.

76- سورة محمد / 26.

77- سورة البقرة / 220.

78- سورة التوبه / 101.

79- سورة التوبة / 64.

80- سورة الأنفال / 70.

81- سورة الأحزاب / 51.

82- سورة البقرة / 235.

83- سورة التغابن / 4.

84- سورة غافر / 19.

85- سورة القصص / 69.

86- سورة محمد / 31.

87- سورة آل عمران / 179.

88- سورة الأنفال / 37.

89- سورة آل عمران / 179.

90- سورة آل عمران / 140.

91- سورة العنكبوت / 3.

92- سورة المائده / 94.

93- سورة البقرة / 143.

94- سورة العنكبوت / 3.

95- سورة العنكبوت / 10.

96- سورة آل عمران / 154.