نسبة الآيات الحاكية للأقوال لله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

كيف لنا ان ننسب الكلام الى الله في القرآن الكريم مع أنَّ القرآن يقول قد قال فلان مثلاً في سورة يوسف يقول القرآن: ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ﴾(1) إذن هذا الكلام قول يوسف، وليس هو قول الله سبحانه، وكذلك يقول القرآن:﴿قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي﴾(2) وغيرها الكثير من الآيات في القرآن الكريم، فهل هذا كلام الله نفسه سبحانه او أنَّه قول غيره وهو فقط نقله الينا؟ وإذا كان الثاني فهذا يعني أنَّه يجوز لنا ننسب بعض آيات القرآن الى غيره؟

أرجوا توضيح المسألة ببعض التفاصيل والأمثلة.

الجواب:

المصحِّح لنسبة الآيات الحاكية لأقوال بعض الأنبياء وغيرهم لله عزَّوجل هو أنَّ هذه الآيات مصوغة مِن قِبَل الله تعالى، فهي قولُ الله تعالى بمعنى أنَّ نظمها وصياغتها اللفظيَّة كانت من عند الله جلَّ وعلا وقد اكتسبت لذلك الصبغة الإعجازية أي أنَّه لا يسع مِن أحدٍ الإتيان بمثلِها في نظمها وصياغتها.

فالآيات الحاكية لأقوال الأنبياء (ع) أو غيرهم كأقوال فرعون أو إبليس أو الكافرين يصحُّ نسبتها لله تعالى بلحاظ نظمها، ويصحُّ نسبتُها لقائلها بلحاظ مضمونها ومعناها، نعم في مقام نسبة الآيات الحاكية لأقوال الأنبياء أو غيرهم لله تعالى يلزم الإشارة إلى أنَّ الآية كانت في مقام النقل والحكاية إذا كان في عدم الإشارة مظنَّة التوهُّم لانتساب مضمون الآية لله تعالى، فيقال مثلاً قال الله تعالى على لسان أهل الكتاب:﴿لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى﴾(3) أو قال تعالى على لسان فرعون: ﴿أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ﴾(4) أمَّا إذا كانت الآية أو الفقرة المنقولة من الآية مشتملةً على ما يدلُّ على أنَّها بصدد الحكاية لقول قائلٍ فلا مانع من تصديرها بمثل قال اللهُ تعالى دون الحاجة إلى الإشارة لاسم صاحب القول، ومثال ذلك قول الله تعالى:﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ﴾(5) وقوله تعالى:﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ﴾(6) فإنَّ نسبة هذا القول لله تعالى بلحاظ النظم والصياغة أو الحكاية ونسبته لليهود والنصارى بلحاظ المضمون.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور

20 / 6/ 212م

----------------------

1- سورة يوسف: 4.

2-سورة نوح: 22.

3-سورة البقرة :111.

4-سورة الزخرف: 52.

5-سورة البقرة:54

6-سورة البقرة: 113.