أذن

الأذن: الجارحة، وشبه به من حيث الحلقة أذن القدر وغيرها، ويستعار لمن كثر استماعه وقوله لما يسمع، قال تعالى: ﴿وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ﴾ التوبة/61 أي: استماعه لما يعود بخير لكم، وقوله تعالى: ﴿وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا﴾ الأنعام/25 إشارة إلى جهلهم لا إلى عدم سمعهم.

وأذن: استمع، نحو قوله: ﴿وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ﴾ الانشقاق/2، ويستعمل ذلك في العلم الذي يتوصل إليه بالسماع، نحو قوله: ﴿فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ﴾ البقرة/279.

والأذن والأذان لما يسمع، ويعبر بذلك عن العلم، إذ هو مبدأ كثير من العلم فينا، قال الله تعالى: ﴿ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي﴾ التوبة/49، وقال: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ﴾ إبراهيم/7.

وأذنته بكذا وآذنته بمعنى. والمؤذن: كل من يعلم بشيء نداءا، قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ﴾ يوسف/70، فأذن مؤذن بينهم} الأعراف/44، ﴿وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ﴾ الحج/27.

والأذين: المكان الذي يأتيه الأذان (انظر: المجمل 1/91، واللسان (أذن) 13/10)، والإذن في الشيء: إعلام بإجازته والرخصة فيه، نحو، ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ﴾ النساء/64 أي: بإرادته وأمره، وقوله: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللّهِ﴾ آل عمران/166، وقوله: ﴿وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ﴾ البقرة/102، ﴿وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ المجادلة/10 قيل: معناه: بعلمه، لكن بين العلم والإذن فرق، فإن الإذن أخص، ولا يكاد يستعمل إلا فيما فيه مشيئة به، راضيا منه الفعل أم لم يرض به (في المخطوطة: ضامه الفعل أم لم يضامه)، فإن قوله: ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ﴾ يونس/100 فمعلوم أن فيه مشيئته وأمره، وقوله: ﴿وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ﴾ البقرة/102 ففيه مشيئته من وجه، وهو أنه لا خلاف أن الله تعالى أوجد في الإنسان قوة فيها إمكان قبول الضرب من جهة من يظلمه فيضره، ولم يجعله كالحجر الذي لا يوجعه الضرب، ولا خلاف أن إيجاد هذا الإمكان من فعل الله، فمن هذا الوجه يصح أن يقال: إنه بإذن الله ومشيئته يلحق الضرر من جهة الظالم، ولبسط هذا الكلام كتاب غير هذا (ومحل هذا كتب الكلام، وتفاسير القرآن المطولة، كشرح الفقه الأكبر للقاري، وتفسير الرازي).

والاستئذان: طلب الإذن، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ﴾ التوبة/45، ﴿فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ﴾ النور/62.

و(إذن) جواب وجزاء، ومعنى ذلك أنه يقتضي جوابا أو تقدير جواب، ويتضمن ما يصحبه من الكلام جزاءا، ومتى صدر به الكلام وتعقبه فعل مضارع ينصبه لا محالة، نحو: إذن أخرج، ومتى تقدمه كلام ثم تبعه فعل مضارع يجوز نصبه ورفعه (قال ابن مالك في ألفيته:

ونصبوا بإذن المستقبلا *** إن صدرت والفعل بعد موصلا

أو قبله اليمين وانصب وارفعا *** إذا إذن من بعد عطف وقعا

أنا إذن أخرج وأخرج، ومتى تأخر عن الفعل أو لم يكن معه الفعل المضارع لم يعمل، نحو: أنا أخرج إذن، قال تعالى: ﴿إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ﴾ النساء/140.