أحـد

 

أحد يستعمل على ضربين:

أحدهما: في النفي فقط (قال المختار بن بونا الجكني الشنقيطي في تكميله لألفية ابن مالك:

وعظموا بأحد الآحاد *** وأحد في النفي ذو انفراد

بعاقل، ومثله غريب *** كما هنا من أحد قريب

 

والثاني: في الإثبات.

فأما المختص بالنفي فلاستغراق جنس الناطقين، ويتناول القليل والكثير على طريق الاجتماع والافتراق، نحو: ما في الدار أحد، أي: لا واحد ولا اثنان فصاعدا لا مجتمعين ولا مفترقين، ولهذا المعنى لم يصح استعماله في الإثبات؛ لأن نفي المتضادين يصح، ولا يصح إثباتهما، فلو قيل: في الدار واحد لكان فيه إثبات واحد منفرد مع إثبات ما فوق الواحد مجتمعين ومفترقين، وذلك ظاهر الإحالة، ولتناول ذلك ما فوق الواحد يصح أن يقال: ما من أحد فاضلين (وهذا النقل حرفيا في البصائر 2/91)، كقوله تعالى: ﴿فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ الحاقة/47.

 

وأما المستعمل في الإثبات فعلى ثلاثة أوجه: الأول: في الواحد المضموم إلى العشرات نحو: أحد عشر وأحد وعشرين.

 

والثاني أن يستعمل مضافا أومضافا إليه بمعنى الأول، كقوله تعالى: ﴿أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا﴾ يوسف/41، وقولهم: يوم الأحد. أي: يوم الأول، ويوم الاثنين.

 

والثالث: أن يستعمل مطلقا وصفا، وليس ذلك إلا في وصف الله تعالى بقوله: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ الإخلاص/1، وأصله وحد (قال الفيروز آبادي: وأصله وحد، أبدلوا الواو همزة على عادتهم في الواوات الواقعة في أوائل الكلم، كما في: أجوه ووجوه، وإشاح ووشاح، وامرأة أناة ووناة. انظر: (البصائر 2/92)، ولكن وحد يستعمل في غيره نحو قول النابغة:

كأن رحلي وقد زال النهار بنا *** بذي الجليل على مستأنس وحد

(البيت من معلقته؛ وهو في ديوانه ص 31؛ وشرح المعلقات للنحاس 2/162)