بين

 

موضوع للخلالة بين الشيئين ووسطهما. قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا﴾ (ونقل هذا السيوطي عنه في الإتقان 2/209) الكهف/32، يقال: بأن كذا أي: انفصل وظهر ما كان مستترا منه، ولما اعتبر فيه معنى الانفصال والظهور استعمل في كل واحدة منفردا، فقيل للبئر البعيدة القعر: بيون، لبعد ما بين الشفير والقعر لانفصال حبلها من يد صاحبها. وبان الصبح: ظهر، وقوله تعالى: ﴿لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ﴾ (وهذه قراءة ابن كثير وأبي عمرو وحمزة ويعقوب وخلف وشعبة عن عاصم وان عامر الشامي برفع (بينكم)، وقرأ نافع وحفص والكسائي وأبو جعفر (بينكم) بنصب النون) الأنعام/194، أي: وصلكم. وتحقيقه: أنه ضاع عنكم الأموال والعشيرة والأعمال التي كنتم تعتمدونها، إشارة إلى قوله سبحانه: ﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ﴾ الشعراء/88، وعلى ذلك قوله: ﴿لَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى﴾ الآية الأنعام/94.

 

و(بين) يستعمل اسما وتارة ظرفا، فمن قرأ: ﴿بَيْنَكُمْ﴾ الأنعام/94، جعله اسما، ومن قرأ: ﴿بَيْنَكُمْ﴾ جعله ظرفا غير متمكن وتركه مفتوحا، فمن الظرف قوله: ﴿لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ الحجرات/1، وقوله: ﴿فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ المجادلة/12، ﴿فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ﴾ ص/22، وقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا﴾ الكهف/61، فيجوز أن يكون مصدرا، أي: موضع المفترق. ﴿وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ﴾ النساء/92. ولا يستعمل (بين) إلا فيما كان له مسافة، نحو: بين البلدين، أو له عدد ما اثنان فصاعدا نحو: الرجلين، وبين القوم، ولا يضاف إلى ما يقتضي معنى الوحدة إلا إذا كرر، نحو: ﴿وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ﴾ فصلت/5، ﴿فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا﴾ طه/58، ويقال: هذا الشيء بين يديك، أي: متقدما لك، ويقال: هو بين يديك أي: قريب منك، وعلى هذا قوله: ﴿ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ﴾ الأعراف/17، و﴿لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا﴾ مريم/64، ﴿وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا﴾ يس/9، ﴿وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ﴾ المائدة/46، ﴿أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا﴾ ص/8، أي: من جملتنا، وقوله: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن نُّؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ سبأ/31، أي: متقدما له من الإنجيل ونحوه، وقوله: ﴿فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ﴾ الأنفال/1، أي: راعوا الأحوال التي تجمعكم من القرابة والوصلة والمودة.

 

ويزداد في بين (ما) أو الألف، فيجعل بمنزلة (حين)، نحو: بينما زيد يفعل كذا، وبينا يفعل كذا، قال الشاعر:

 

بينا يعنقه الكماة وروغة *** يوما أتيح له جريء، سلفع

 

(البيت لأبي ذؤيب الهذلي، وهو في ديوان الهذليين 1/37؛ وشمس العلوم 1/205؛ واللسان (بين)؛ وغريب الحديث للخطابي 2/469)