بلغ

 

البلوغ والبلاغ: الانتهاء إلى أقصى المقصد والمنتهى، مكانا كان أو زمانا، أو أمرا من الأمور المقدرة، وربما يعبر به عن المشارفة عليه وإن لم ينته إليه، فمن الانتهاء: ﴿بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾ الأحقاف/15، وقوله عز وجل: ﴿فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ﴾ البقرة/232، و﴿مَّا هُم بِبَالِغِيهِ﴾ غافر/56، ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ﴾ الصافات/102، ﴿لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ﴾ غافر/36، ﴿أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ﴾ القلم/39، أي: منتهية في التوكيد.

 

والبلاغ: التبليغ، نحو قوله عز وجل: ﴿هَذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ﴾ إبراهيم/52، وقوله عز وجل: ﴿بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ﴾ الأحقاف/35، ﴿وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ﴾ يس/17، ﴿فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ﴾ الرعد/40.

 

والبلاغ: الكفاية، نحو قوله عز وجل: ﴿إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ﴾ الأنبياء/106، وقوله عز وجل: ﴿وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ المائدة/67، أي: إن لم تبلغ هذا أو شيئا مما حملت تكن في حكم من لم يبلغ شيئا من رسالته، وذلك أن حكم الأنبياء وتكليفاتهم أشد، وليس حكمهم كحكم سائر الناس الذين يتجافى عنهم إذا خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، وأما قوله عز وجل: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ الطلاق/2، فللمشارفة، فإنها إذا انتهت إلى أقصى الأجل لا يصح للزوج مراجعتها وإمساكها.

ويقال: بلغته الخبر وأبلغته مثله، وبلغته أكثر، قال تعالى: ﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي﴾ الأعراف/62، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾ المائدة/67، وقال عز وجل: ﴿فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ﴾ هود/57، وقال تعالى: ﴿بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ﴾ آل عمران/40، وفي موضع: ﴿وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا﴾ مريم/8، وذلك نحو: أدركني الجهد وأدركت الجهد، ولا يصح: بلغني المكان وأدركني.

 

والبلاغة تقال على وجهين:

- أحدهما: أن يكون بذاته بليغا، وذلك بأن يجمع ثلاثة أوصاف: صوبا في موضوع لغته، وطبقا للمعنى المقصود به، وصدقا في نفسه (وفي هذا يقول مخلوف الميناوي: بلاغة الكلام أن يطابقا - وهو فصيح - مقتضى الحال ثقا)، ومتى اخترم وصف من ذلك كان ناقصا في البلاغة.

 

- والثاني: أن يكون بليغا باعتبار القائل والمقول له، وهو أن يقصد القائل أمرا فيورده على وجه حقيق أن يقبله المقول له، وقوله: ﴿وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا﴾ النساء/63، يصح حمله على المعنيين، وقول من قال (هو الزجاج في معاني القرآن 2/70) : معناه قل لهم: إن أظهرتم ما في أنفسكم قتلتم، وقول من قال: خوفهم بمكاره تنزل بهم، فإشارة إلى بعض ما يقتضيه عموم اللفظ، والبلغة: ما يتبلغ به من العيش.