جاء

جاء يجيء ومجيئا، والمجيء كالإتيان، لكن المجيء أعم؛ لأن الإتيان مجيء بسهولة، والإتيان قد يقال باعتبار القصد وإن لم يكن منه الحصول، والمجيء يقال اعتبارا بالحصول، ويقال (انظر: البصائر 1/412) : جاء في الأعيان والمعاني، ولما يكون مجيئه بذاته وبأمره، ولمن قصد مكانا أو عملا أو زمانا، قال الله عز وجل: ﴿وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى﴾ يس/20، ﴿وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ غافر/34، ﴿وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ﴾ هود/77، ﴿فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ﴾ الأحزاب/19، ﴿إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ﴾ يونس/49، ﴿بَلَى قَدْ جَاءتْكَ آيَاتِي﴾ الزمر/59، ﴿فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورًا﴾ الفرقان/4، أي: قصدوا الكلام وتعدوه، فاستعمل فيه المجيء كما استعمل فيه القصد، قال تعالى: ﴿إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ﴾ الأحزاب/10، ﴿وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ الفجر/22، فهذا بالأمر لا بالذات، وهو قول ابن عباس رضي الله عنه (وهو مروي عن الحسن البصري. راجع تفسير القرطبي؛ والبصائر 1/412)، وكذا قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءهُمُ الْحَقُّ﴾ يونس/76، يقال: جاءه بكذا وأجاءه، قال الله تعالى: ﴿فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ مريم/23، قيل: ألجأها، وإنما هو معدى عن جاء، وعلى هذا قولهم: (شر ماأجاءك إلى مخه عرقوب) (قال الميداني: يضرب للمضطر جدا، والمعنى: ما ألجأك إليها إلا شر، أي: فاقة وفقر، وذلك أن العرقوب لا مخ له، وإنما يحوج إليه من لا يقدر على شيء. انظر: مجمع الأمثال 1/358؛ وفي اللسان: عراقيب الأمور: عظامها، وصعابها وما دخل من اللبس فيها، وأمثال أبي عبيد ص 312)، وقول الشاعر: أجاءته المخافة والرجاء (هذا عجز بيت لزهير بن أبي سلمى، وشطره: وسار جاء معتمدا إلينا، وهو في ديوانه ص 13)

وجاء بكذا: استحضره، نحو: ﴿لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء﴾ النور/13، ﴿وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ﴾ النمل/22، وجاء بكذا يختلف معناه بحسب اختلاف المجي به.