جمل

الجمال: الحسن الكثير، وذلك ضربان: أحدهما: جمال يخص الإنسان في نفسه أو بدنه أو فعله.

والثاني: ما يتوصل منه إلى غيره. وعلى هذا الوجه ما روي عنه صلى الله عليه وسلم: (إن الله جميل يحب الجمال) (الحديث صحيح، وقد أخرجه مسلم والترمذي عن ابن مسعود، والطبراني في الكبير عن أبي أمامة، والحاكم عن ابن عمر، وابن عساكر عن جابر وابن عمر. انظر: الفتح الكبير 1/331، ورواية البيهقي عن ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان)، فقال رجل: يا رسول الله، الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله جميل يحب الجمال، الكبر من بطر الحق وغمص الناس) وكذا رواه البيهقي بهذه الرواية (انظر: الأسماء والصفات ص 60) ؛ وصحيح مسلم كتاب الإيمان 1/93 باب تحريم الكبر؛ والمستدرك 4/181 و 1/26) تنبيها أنه منه تفيض الخيرات الكثيرة، فيحب من يختص لذلك.

وقال تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ﴾ النحل/6، ويقال: جميل وجمال على التكثير. قال الله تعالى: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ يوسف/83، ﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا﴾ المعارج/5، وقد جاملت فلانا، وأجملت في كذا، وجمالك، أي: أجمل، واعتبر منه معنى الكثرة، فقيل لكل جماعة غير منفصلة: جملة، ومنه قيل للحساب الذي لم يفصل والكلام الذي لم يبين: مجمل، وقد أجملت الحساب، وأجملت في الكلام. قال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾ الفرقان/32، أي: مجتمعا لا كما أنزل نجوما مفترقة. وقول الفقهاء: المجمل: ما يحتاج إلى بيان، فليس بحد له ولا تفسير، وإنما هو ذكر بعض أحوال الناس معه؛ والشيء يجب أن تبين صفته في نفسه التي بها يتميز، وحقيقة المجمل: هو المشتمل على جملة أشياء كثيرة غير ملخصة.

والجمل يقال للبعير إذا بزل (بزل البعير يبزل: فطر نابه أي: انشق)، وجمعه جمال وأجمال وجماله قال الله تعالى: ﴿حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ الأعراف/40، وقوله: ﴿جِمَالَتٌ صُفْرٌ﴾ (وهي قراءة نافع وأبي جعفر وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر ويعقوب بخلفه وشعبة عن عاصم، وقرأ حفص وحمزة والكسائي وخلف: جمالة) المرسلات/33، جمع جمالة، والجمالة جمع جمل، وقرئ: ﴿جمالات﴾ (وبها قرأ رويس عن يعقوب، وهي قراءة صحيحة متواترة. راجع: الإتحاف ص 430) بالضم، وقيل هي القلوص، والجامل: قطعة من الإبل معها راعيها، كالباقر، وقولهم: اتخذ الليل جملا (انظر: أساس البلاغة ص 64) فاستعارة، كقولهم: ركب الليل، وتسمية الجمل بذلك يجوز أن يكون لما قد أشار إليه بقوله: ﴿وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ﴾ النحل/6 ؛ لأنهم كانوا يعدون ذلك جمالا لهم. وجملت الشحم: أذبته، والجميل: الشحم المذاب، والاجتمال: الادهان به، وقالت امرأة لبنتها: تجملي وتعففي (راجع: المجمل لابن فارس 1/198)، أي: كلي الجميل، واشربي العفافة (العفافة: وهو ما بقي في الضرع من اللبن).