خل
الخلل: فرجة بين الشيئين، وجمعه خلال، كخلل الدار، والسحاب، والرماد وغيرها، قال تعالى في صفة السحاب: ﴿فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ﴾ النور/43، ﴿فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ﴾ الإسراء/5، قال الشاعر: أرى خلل الرماد وميض جمر (هذا شطر بيت، وعجزه: فيوشك أن يكون له ضرام، وهو لنصر بن سيار، في فصل المقال ص 233؛ وتاريخ الطبري 6/36؛ والأغاني 6/124؛ والجليس الصالح 2/283؛ وعيون الأخبار 2/128، والحماسة البصرية 1/107)
﴿ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ﴾ التوبة/47، أي: سعوا وسطكم بالنميمة والفساد. والخلال: لما تخلل به الأسنان وغيرها، يقال: خل سنه، وخل ثوبه بالخلال يخله، ولسان الفصيل بالخلال ليمنعه من الرضاع، والرمية بالسهم، وفي الحديث. (خللوا أصابعكم) (الحديث عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ويخلل بين أصابعه، ويدلك عقبيه، ويقول: (خللوا بين أصابعكم، لا يخلل الله تعالى بينها بالنار، ويل للأعقاب من النار) أخرجه الدارقطني 1/95 وفي سنده عمر بن قيس متروك. وانظر: الفتح الكبير 2/90.
وأخرج النسائي 1/79 عن لقيط قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا توضأت فأسبغ الوضوء. وخلل بين الأصابع). والخلل في الأمر كالوهن فيه، تشبيها بالفرجة الواقعة بين الشيئين، وخل لحمه يخل خلا وخلالا (انظر: اللسان (خلل) 11/219) : صار فيه خلل، وذلك بالهزال، قال: إن جسمي بعد خالي لخل (هذا عجز بيت، وشطره: فاسقينها يا سواد بن عمرو، والبيت للشنفرى؛ وهو في الصحاح (خل) ؛ واللسان (خلل)؛ والمجمل 2/276؛ وأمالي القالي 2/277؛ وقيل: لتأبط شرا وهو في العشرات ص 95)
والخل (انظر: اللسان 11/214؛ والمجمل 2/276) : الطريق في الرمل، لتخلل الوعورة، أي: الصعوبة إياه، أو لكون الطريق متخللا وسطه، والخلة: أيضا الخمر الحامضة، لتخلل الحموضة إياها. والخلة: ما يغطى به جفن السيف لكونه في خلالها، والخلة: الاختلال العارض للنفس؛ إما لشهوتها لشيء؛ أو لحاجتها إليه، ولهذا فسر الخلة بالحاجة والخصلة، والخلة: المودة؛ إما لأنها تتخلل النفس، أي: تتوسطها؛ وإما لأنها تخل النفس، فتؤثر فيها تأثير السهم في الرمية؛ وإما لفرط الحاجة إليها، يقال منه: خاللته مخالة وخلالا فهو خليل، وقوله تعالى: ﴿وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً﴾ النساء/125، قيل: سماه بذلك لافتقاره إليه سبحانه في كل حال الافتقار المعني بقوله: ﴿إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ القصص/24، وعلى هذا الوجه قيل: (اللهم أغنني بالافتقار إليك ولا تفقرني بالاستغناء عنك) (وهذا من قول عمرو بن عبيد، انظر: جواهر الألفاظ ص 5). وقيل: بل من الخلة، واستعمالها فيه كاستعمال المحبة فيه، قال أبو القاسم البلخي (اسمه عبد الله بن أحمد، أبو القاسم البلخي الكعبي، من روس المعتزلة، توفي 317 ه، انظر: وفيات الأعيان 3/45) : هو من الخلة لا من الخلة، قال: ومن قاسه بالحبيب فقد أخطأ؛ لأن الله يجوز أن يحب عبده، فإن المحبة منه الثناء ولا يجوز أن يخاله، وهذا من اشتباه، فإن الخلة من تخلل الود نفسه ومخالطته، كقوله: قد تخللت مسلك الروح مني *** وبه سمي الخليل خليلا (البيت في البصائر 2/557 ولم ينسبه؛ وهو لبشار بن برد في أدب الدنيا والدين ص 146؛ وتفسير الراغب ورقة 170)
ولهذا يقال: تمازج روحانا. والمحبة: البلوغ بالود إلى حبة القلب، من قولهم: حببته: إذا أصبت حبة قلبه، لكن إذا استعملت المحبة في الله فالمراد بها مجرد الإحسان، وكذا الخلة، فإن جاز في أحد اللفظين جاز في الآخر؛ فأما أن يراد بالحب حبة القلب، والخلة التخلل، فحاشا له سبحانه أن يراد فيه ذلك. وقوله تعالى: ﴿لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ﴾ البقرة/254، أي: لا يمكن في القيامة ابتياع حسنة ولا استجلابها بمودة، وذلك إشارة إلى قوله سبحانه: ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ النجم/39، وقوله: ﴿لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ﴾ إبراهيم/31، فقد قيل: هو مصدر من خاللت، وقيل: هو جمع، يقال: خليل وأخلة وخلال والمعنى كالأول.