طوع

 

- الطوع: الانقياد، ويضاده الكره قال عز وجل: ﴿اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا﴾ فصلت/11، ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ آل عمران/83، والطاعة مثله لكن أكثر ما تقال في الائتمار لما أمر، والارتسام فيما رسم. قال تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ﴾ النساء/81، ﴿طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ﴾ محمد/21، أي: أطيعوا، وقد طاع له يطوع، وأطاعه يطيعه (راجع: الأفعال 3/249، 3/283). قال تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ التغابن/12، ﴿مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ﴾ النساء/80، ﴿وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ﴾ الأحزاب/48، وقوله في صفة جبريل عليه السلام: ﴿مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ﴾ التكوير/21، والتطوع في الأصل: تكلف الطاعة، وهو في التعارف التبرع بما لا يلزم كالتنقل، قال: ﴿فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ﴾ البقرة/ 184، وقرئ: (ومن يطوع خيرا) (وهي قراءة شاذة). والاستطاعة: استفالة من الطوع، وذلك وجود ما يصير به الفعل متأتيا، وهي عند المحققين اسم للمعاني التي بها يتمكن الإنسان مما يريده من إحداث الفعل، وهي أربعة أشياء: بنية مخصوصة للفاعل. وتصور للفعل، ومادة قابلة لتأثيره، وآلة إن كان الفعل آليا كاكتابة، وكذلك يقال: فلان غير مستطيع للكتابة: إذا فقد واحدا من هذه الأربعة فصاعدا، ويضاده العجز، وهو أن لا يجد أحد هذه الأربعة فصاعدا ومتى وجد هذه الأربعة كلهم فمستطيع مطلقا، ومتى فقدها فعاجز مطلقا، ومتى وجد بعضها دون بعض فمستطيع من وجه عاجز من وجه، ولأن يوصف بالعجز أولى. والاستطاعة أخص من القدرة. قال تعالى: ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنفُسِهِمْ﴾ الأنبياء/43، ﴿فَمَا اسْتَطَاعُوا مِن قِيَامٍ﴾ الذاريات/45، ﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾ آل عمران/ 97، فإنه يحتاج إلى هذه لأربعة، وقوله عليه السلام: (الاستطاعة الزاد والراحلة) (أخرج الدارقطني والحاكم وصححه عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن قول الله: ﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾ فقيل: ما السبيل؟ قال: (الزاد والراحلة}. انظر: الدر المنثور 2/273، وسنن الدارقطني 2/216؛ قال إسحق: وطرقه كلها ضعيفة. انظر المستدرك 1/442.

 

وأخرجه الترمذي عن ابن عمر ثم قال: هذا حديث حسن، والعمل عليه عند أهل العلم وضعفه ابن العربي.

 

انظر: عارضة الأحوذي 4/28) فإنه بيان ما يحتاج إليه من الآلة، وخصه بالذكر دون الآخر إذ كان معلوما من حيث العقل ومقتضى الشرع أن التكليف من دون تلك الأخر لا يصح، وقوله: ﴿لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ﴾ التوبة/42، فإشارة بالاستطاعة ههنا إلى عدم الآلة من المال، والظهر، والنحو، وكذلك قوله: ﴿وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً﴾ النساء/25، وقوله: ﴿لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً﴾ النساء/98، وقد يقال: فلان لا يستطيع كذا: لما يصعب عليه فعله لعدم الرياضة، وذلك يرجع إلى افتقاد الآلة، أو عدم التصور، وقد يصح معه التكليف ولا يصير الإنسان به معذورا، وعلى هذا الوجه قال تعالى: ﴿لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ الكهف/67، ﴿مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ﴾ هود/20، وقال: ﴿وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا﴾ الكهف /101، وقد حمل على ذلك قوله: ﴿وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ﴾ النساء/129، وقوله تعالى: ﴿هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا﴾ المائدة/112، فقيل: إنهم قالوا ذلك قبل أن قويت معرفتهم بالله. وقيل: إنهم لم يقصدوا قصد القدرة (قال عائشة: كان الحواريون أعلم بالله من أن يقولوا: هل يستطيع ربك، إنما قالوا: هل تستطيع أنت؟ ربك هل تستطيع أن تدعوه؟ انظر: الدر المنثور 3/231)، وإنما قصدوا أنه هل تقتضي الحكمة أن يفعل ذلك؟ وقيل: يستطيع ويطيع بمعنى واحد (وهذا قول الشعبي. انظر: الدر المنثور 3/231)، ومعناه: هل يجيب؟ كقوله: ﴿مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ﴾ غافر/18، أي: يجاب، وقرئ: ﴿هل تستطيع ربك﴾ (وبها قرأ الكسائي. انظر: الإتحاف ص 204) أي: سؤال ربك، كقولك هل يستطيع الأمير أن يفعل كذا، وقوله: ﴿فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ﴾ المائدة/30، نحو: أسمحت له قرينته، وانقادت له، وسولت، وطوعت أبلغ من أطاعت، وطوعت له نفسه بإزاء قولهم: تأبت عن كذا نفسه، وتطوع كذا: تحمله طوعا. قال تعالى: ﴿وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ البقرة/158، ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ التوبة/79، وقيل: طاعت وتطوعت بمعنى، ويقال: استطاع واسطاع بمعنى، قال تعالى: ﴿فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا﴾ الكهف/97.