يونس بن متى

هو يونس بن متى من سبط بنياموس، وقيل من ولد بنيامين بن يعقوب (عليه السلام)، وأهل الكتاب يسمونه يونإن أو يوناثإن بن امتاى، ويونس كلمة يونانية معناها: الحمام، ويلقب بذي النون وصاحب الحوت، ويقال: إن متى هي أمه.

أحد أنبياء بني إسرائيل، وله كتاب في أربعة فصول يقدسه إليهود. لما بلغ الثامنة والعشرين من العمر بعثه الله للنبوة، وأنزل عليه كتابا يتضمن أحكاما ونصائح، ثم أوحى الله إليه بأن يذهب إلى أهل نينوى من أرض الموصل، وكانوا كفارا مشركين، يربون على 100 ألف نسمة، وقيل: 170، وقيل: 120 ألف، وقيل: 130 ألف نسمة، وكانوا يعبدون الأصنام من دون الله، فأمره الله بإرشادهم وهدايتهم عن طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ليتركوا عبادة الأصنام، ويعبدون الله الواحد الأحد، فتردد في ذلك وخاف منهم، وكانوا غرباء عنه، ولا من أهل بلده وقبيلته وعشيرته، فهرب منهم وآوى إلى سفينة، ولم تلبث السفينة طويلا حتى هاج البحر وكادت تغرق، فهيأ الله له حوتا يدعى "قطيش" وأدخله في جوفه، ويونس يسبح الله ويستغفره، فطاف به البحار وبعد إن أقام في بطن الحوت ثلاثة أيام، وقيل: سبعة أيام، وقيل: أربعين يوما، وقيل: تسع ساعات، وقيل: ثلاثة ساعات، وقيل: سبع ساعات، نبذه الحوت وألقاه في البر وهو مريض، ثم أنبت الله عليه شجرة يقطين ففرح بها، ثم أبادها الله فاغتم عليها، فأوحى الله إليه: يا يونس! تأسف وتغتم لفقدان يقطينة لا قيمة لها، فكيف بي وأنا الرحمن الرحيم أفلا أهتم بمدينة يسكنها الآلاف من الناس، وأنت لا تنقذهم من الضلال والكفر والشرك الذي هم فيه، وتبعدهم عن غضبي الماحق؟ فعند ذاك طلب العفو والعذر من الله لتركه أهل نينوى والهرب منهم، فتوجه إلى نينوى وقام بإرشادهم وهدايتهم وتقديم النصح لهم، فآمنوا به وبرسالته وصدقوه.

ويقول اليهود: إن الله أمر يونس بأن يقصد نينوى ويرشد أهلها ويمنعهم عن غيهم وشرورهم وكفرهم،ولكنه لم يتحمل أمر البارئ، وتردد في ذلك لخوفه منهم، وقرر الهرب إلى مدينة ترشيش، فرحل إلى يافا، ومنها استقل سفينة ذاهبة إلى ترشيش، فأرسل الله ريحا شديدة كادت تغرق السفينة ومن عليها، فتيقن ركاب السفينة إن غضبا من الله نزل عليهم بسبب أحد ركابها، فعملوا قرعة لمعرفة الشخص الذى بسببه غضب الله عليهم، فخرجت عليه، فأشار عليهم بأن يلقوه في البحر، وبذلك يتخلصون من غضب الله ويسكن الطوفان، فألقوه في البحر فالتهمه حوت، فهدأ هيجان البحر وسلم ركاب السفينة.

وفي جوف الحوت أخذ يونس يدعو ربه ويستغيث به، وبعد إن مضى عليه ثلاثة أيام وثلاث ليال في بطن الحوت استجاب الله دعاءه، ولبى استغاثته، فلفظه الحوت على الساحل، فأوحى الله إليه بأن يذهب إلى نينوى، فذهب إليها، وبأمر من الله أنذر أهلها بأن المدينة ستنقلب عليهم وسيهلكون بأجمعهم بعد أربعين يوما إذا هم لم يؤمنوا به وبرسالته، ويطيعوا أوامره وإرشاداته، فعند ذاك آمنوا بالله وتركوا أصنامهم، وآمن معهم ملكهم، فأخذوا يصومون ويصلون.

ولما مضت أيام الإنذار ولم ينزل عليهم العذاب اغتم يونان؛ لأن إنذاره لم يتحقق، فخرج من نينوى إلى الصحراء، فأنبت الله عليه شجرة اليقطين، ففرح بها وبظلها، ثم جفت في اليوم الثاني وذهبت أدراج الرياح فاغتم كثيرا، فأوحى الله إليه بأن ك تغتم على يقطينة وتشفق عليها ولا أشفق على أهل مدينة عظيمة كنينوى الذين لا يعرفون الحق من الباطل.

وهناك جماعة من المحققين والمؤرخين يرون إن يونس (عليه السلام) بعد إن بعث إلى أهل نينوى وقام فيهم يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، وبعد إن يئس من إصلاحهم، دعا الله بأن ينزل عليهم عقابا شديدا لعنادهم في كفرهم وشرورهم، فاستجاب الله دعاءه وأوعده بنزول العذاب، ففرح لذلك وانطلق إلى عابد يدعى "تنوخا" وقيل: "مليخا" وأخبره بنزول العذاب، ففرح "تنوخا" بدوره لذلك، ثم جاء إلى "روبيل" العالم الحكيم وأخبره بالأمر، فأنزعج لذلك وطلب من يونس عليه السلام إن يطلب من ربه صرف العذاب عن أهل نينوى، عسى إن يرجعوا إلى رشدهم ويتوبوا إلى ربهم، ولكن يونس عليه السلام أبى ولن يقبل مارآه "روبيل".

وفي اليوم الموعود والساعة المحددة لنزول البلاء والعذاب ظهرت بوادر الغضب في السماء، وأخذت علامات العذاب تظهر لأهل نينوى، فعند ذاك خرجوا عن بكرة أبيهم مابين صارخ وباك متضرعين إلى الرحيم الغفور، تائبين إليه، معلنين عن إطاعتهم لنبيهم يونس (عليه السلام)، فاستجاب الله لهم وقبل توبتهم، فرفع الله عنهم العذاب، فلما رأى يونس (عليه السلام) توقف العذاب عن نينوى وأهلها غضب كثيرا،وهام على وجهه ناحية البحر؛ لكيلا يراء أحد من أهل نينوى ويتهمه بالكذب،فركب سفينة، وفي عرض البحر جاءت أمواج عاتية وعاصفة مهولة كادت تقضي على السفينة وركابها، فسقط يونس (عليه السلام) في البحر فالتهمه حوت، ثم لفظه على الساحل؛ فكان هربه من نينوى ورجوعه إليها استغرق واحدا وعشرين يوما، فكانت سبعة أيام في مسيرة نحو البحر، وسبعة أيام في جوف الحوت، وسبعة أيام تحت شجرة اليقطين.

كان على قيد الحياة حدود سنة 825 قبل الميلاد، وبعث وله من العمر 30 سنة، وقيل: 28 سنة، ومدة نبوته 33 سنة، وفي تلك المدة لم يؤمن به وبرسالته سوى "روبيل" العالم، وكان غناما يرعى الغنم ويتكسب منها، و" تنوخا" وكان عابدا حطابا يحتطب على رأسه ويأكل من كسبه.

بعث بعد انتهاء حكم "يوثم بن عزيا" ملك بني إسرائيل، وقيل: بعث بعد سليمان ابن داود (عليه السلام).

وعلى شاطىء نهر الفرات بمدينة الكوفة مشهد يزار يقال: انه قبر يونس (عليه السلام) أو مقامه.

وقيل: قبره بالقرب من طبرية في قرية كفركنه بالأردن.

وقيل: قبره في طريق بيت المقدس في قرية حلحول.

وفي الموصل مشهد يزار يقال: انه مشهد نبي الله يونس (عليه السلام).

القرآن العظيم ويونس (عليه السلام):

1- ﴿وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ ..﴾(1).

2- ﴿وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا ..﴾(2).

3- ﴿لاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ ..﴾(3).

4- ﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا ..﴾(4).

5- ﴿اسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ..﴾(5).

6- ﴿وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾(6).

7- ﴿إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾(7).

8- ﴿فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ﴾(8).

9- ﴿فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ﴾(9).

10- ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ﴾(10).

11- ﴿لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾(11).

12- ﴿فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ﴾(12).

13- ﴿وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ﴾(13).

14- ﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾(14).

15- ﴿وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ﴾(15).

1- سورة النساء / 163.

2- سورة الأنعام / 86.

3- سورة يونس / 98.

4- سورة الأنبياء / 87.

5- سورة الأنبياء / 88.

6- سورة الصافات / 139.

7- سورة الصافات / 140.

8- سورة الصافات / 141.

9- سورة الصافات / 142.

10- سورة الصافات / 143.

11- الصافات / 144.

12- سورة الصافات / 145.

13- سورة الصافات / 146.

14- سورة الصافات / 147.

15- سورة القلم / 48.