﴿مَثَلُ الّذِينَ كَفَرُوا بِرَبّهِمْ أعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرّيحُ في يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمّا كَسَبُوا عَلى شَىءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيد﴾(1)
تفسير الآية:
"العصف": شدة الريح، يوم عاصف أي شديد الريح، وإنّما جعل العصف صفة لليوم مع أنّه صفة للريح لأجل المبالغة، وكأنّ عصف الريح صار بمنزلة جعل اليوم عاصفاً، كما يقال: ليل غائم ويوم ماطر.
انّه سبحانه يشبّه عمل الكافرين في عدم الانتفاع به برماد في مهب الريح العاصف، فكما لا يقدر أحد على جمع ذلك الرماد المتفرق، فكذلك هؤلاء الكفار لا يقدرون مما كسبوا على شيء فلا ينتفعون بأعمالهم البتة.
وقال سبحانه في آية أُخرى: ﴿وَقَدِمْنَا إلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً﴾(2).
والمراد من أعمالهم ما يعد صالحاً في نظر العرف كصلة الأرحام وعتق الرقاب وفداء الأسارى وإغاثة الملهوفين، لأنّهم بنوا أعمالهم على غير معرفة الله والإيمان به فلا يستحقون شيئاً عليه.
وأمّا الأعمال التي تعد من المعاصي الموبقة، فهي خارجة عن مصبّ الآية لوضوح حكمها.والآية دليل على أنّ الكافر لا يثاب بأعماله الصالحة يوم القيامة إذا أتى بها لغير وجه الله.
نعم لو أتى بها طلباً لرضاه ورضوانه فلا غرو في أن يثاب به ويكون سبباً لتخفيف العذاب.
1- سورة إبراهيم / 18.
2- سورة الفرقان / 23.