التمثيل الخامس عشر - سورة الأعراف
﴿وَهُوَ الّذِي يُرْسِلُ الرّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ حَتّى إذا أقلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيّتٍ فَأنْزَلْنا بِهِ الماءَ فَأخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلّ الثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ المَوتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون / وَالبَلَد الطَّيّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإذْنِ رَبّهِ وَالّذي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إلاّ نَكِداً كَذلِكَ نُصَرّفُ الآيات لِقَومٍ يَشْكُرُون﴾(1).
تفسير الآية:
"أقلّ" من الإقلال، وهو حمل الشيء بأسره.
والنكد: العسر الممتنع من إعطاء الخير، يقال نكد إذا سئل فبخل، قال الشاعر:
وأعطي ما أعطيته طيّباً لا خير في المنكود والناكد "البلد الطيب": عبارة عن الأرض الطيب ترابها، ففي مثلها يخرج الزرع نامياً زاكياً من غير كدٍّ ولا عناء، كلّ ذلك بإذنه سبحانه.
والبلد الخبيث هي الأرض السبخة التي خبث ترابها لا يخرج ريعها إلاّ شيئاً قليلاً، و كأنّها لا تعطي إلاّ شيئاً قليلاً وهو بالعسر.
وتصريف الآيات عبارة عن تكررها.
ذكر سبحانه في الآية الاولى بأنّه يرسل الرياح مبشرةً برحمته، فإذا حملت سحاباً ثقالاً بالماء ساقه سبحانه إلى بلد ميت فتحيا به الأرض وتوَتي ثمراتها.
وعاد سبحانه في الآية الثانية إلى القول بأنّ هطول المطر وسقي الأرض جزء مما يتوقف عليه خروج النبات، وهناك شرط آخر وهو أن تكون الأرض خصبة صالحة للزراعة دونما إذا كانت خبيثة، هذا هو حال المشبه به.
وأمّا المشبه فهو انّه سبحانه يُشبِّهُ المؤمن بأرض طيبة تلين بالمطر ويحسن نباتها ويكثر ريعها، كما تشبه قلب الكافر بالأرض السبخة لا تنبت شيئاً، فقلب المؤمن كالأرض الطيبة وقلب الكافر كالأرض السبخة.
1- سورة الأعراف / 57-58.