قارون
هو قارون، وقيل: قورح، وقيل: فودح، وقيل: كورا بن يصهب، وقيل: يصهار بن قاهث بن يعقوب.
ابن عمّ موسى بن عمران (ع)، وقيل: عمّ موسى (ع)، وقيل: ابن خالته.
كان من أعظم رجالات بني إسرائيل، وأثرى شخص فيهم، منّ الله عليه رزقًا واسعًا وثروة طائلة وخزائن فخمة، فكان يشار إليه بالعظمة والثراء، فكان قومه يتمنّون أن يكونوا مثله في الرخاء والأُبهة والزينة.
كان فاسدًا ومفسدًا، تتجلّى فيه خصال الكبرياء والخلاء والتكبّر والتجبّر والبخل والحسد، وكان العقلاء والعرفاء من قومه ينصحونه بترك ما فيه من الخصال الذميمة، ويحثّونه على مساعدة الفقراء والمستضعفين، محذّرين إيّاه من غضب الله الذي أغدق عليه تلك النعم الوافرة، فكان لا يصغو لنصائحهم وإرشاداتهم، بل يزداد عتوًّا وتجبّرًا.
كان عالمًا بصناعة الكيمياء، وهي تحويل المعادن الرخيصة إلى معادن ثمينة كالذهب والفضّة.
كان في أوّل أمره من المؤمنين بشريعة موسى (ع)، وأقرأ بني إسرائيل للتوراة، وكان يدعى بالمنوّر لحسن صورته، وأخيرًا ساءت عاقبته، ونافق على موسى (ع) وبغى، وأصبح من الدّ أعداء موسى (ع)، فأخذ يقاومه ويتآمر عليه.
أصبح من وزراء ومشاوري فرعون، ثمّ ولاّه على بني إسرائيل فكان يظلمهم ويؤذيهم.
فلمّا أمر الله موسى (ع) بأن يأمر قومه بالذهاب إلى فلسطين لقتال الجبابرة، وامتنعوا عن إطاعة موسى (ع)، كان المترجم له من جملة الممتنعين عن ذلك، فعاقبهم الله بالتيه أربعين عامًا، وجعلهم يهيمون فيه بدون جدوى، ولمّا تابوا وتضرّعوا إلى الله بأن يتوب عليهم كان قارون من جملة الذين لم يتوبوا، بل أصرّوا على عنادهم، وأخذ يستهزئ بموسى (ع)، ويلقي عليه الرماد المخلوط بالماء نكاية به، فغضب موسى (ع) ودعا الله عليه، فاستجاب الله دعاءه فبلعته الأرض ومايملك من القصور والأموال والخزائن والحشم والخدم.
ويقال في سبب نزول البلاء عليه: هو أنّ موسى (ع) طلب منه الزكاة فامتنع عن ذلك، ودبّر مؤامرة للانتقاص من موسى (ع) وتشويه سمعته عند الناس، فاتّفق مع امرأة بأن تقول: إنّ موسى (ع) زنى بها، وبعد جدل طويل اعترفت المرأة بأن قارون أغراها ولقّنها بأن تتهمه بذلك وهو بريء منها، فدعا الله موسى (ع) عليه فخسف الله به وبحاشيته وما يملك، وقيل: انشقّت الأرض به وبممتلكاته كلّها ثمّ انطبقت عليه، وذلك في وادي التيه.
وينقل عن بعض زهوه وخيلائه بأنّه كان يزيد في طول ثيابه شبرًا ترفّعًا وتكبّرًا على من سواه من قومه.
القرآن العظيم وقارون:
تحدّث عنه الذكر الحكيم ضمن آيات من سورة القصص وهي:
1- ﴿إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾(8).
2- ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾(8).
3- ﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾(8).
4- ﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾(8).
5- ﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ﴾(8).
6- ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾(8).
وجاء ذكره في الآية 39 من سورة العنكبوت: ﴿وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءهُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ﴾.
وكذلك تحدّثت عنه الآية 24 من سورة غافر: ﴿إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ﴾.
1- سورة القصص / 76.
2- سورة القصص / 77.
3- سورة القصص / 78.
4- سورة القصص / 79.
5- سورة القصص / 81.
6- سورة القصص / 83.