زينب بنت جحش
هي أم الحكم زينب بنت جحش بن رئاب بن قيس بن يعمر بن صبرة الأسدية، وأمها أميمة بنت عبد المطلب عمة النبي (ص).
كانت تدعى برة، فسماها النبي (ص) زينب.
إحدى زوجات النبي (ص)، ومن شهيرات النساء في صدر الإسلام، ومن المسلمات الأوائل والصحابيات المهاجرات، عرفت بالصلاح والخير والتصدق في سبيل الله، وكانت في غاية الحسن والجمال.
هاجرت مع النبي (ص) من مكة إلى المدينة، وهناك زوجها النبي (ص) من زيد بن حارثة.
في أحد الأيام رآها النبي (ص) فقال: سبحان الله مقلب القلوب، وقيل: قال (ص): سبحان الله فالق النور، وتبارك الله أحسن الخالقين. فسمعت زينب تسبيح النبي (ص) فذكرته لزيد، فألقى الله كراهتها في نفسه، فقال لها: هل لك أن أطلقك ليتزوجك رسول الله (ص)؟ فقالت: أخشى أن تطلقني ولا يتزوجني النبي (ص)، فانطلق إلى النبي (ص) وقال: أريد مفارقة زينب، فقال (ص): ما لك، أرابك شيء منها؟! قال: لا والله! ما رأيت منها إلا خيرا، ولكنها تتعظم علي لشرفها وتؤذيني، فأخذ النبي (ص) ينصحه بعم مفارقتها، ولكنه طلقها، فلما اعتدت أمر الله نبيه (ص) بأن يتزوجها، فقال النبي (ص) لزيد: اخطبها لي، فذهب إليها، وقال: يا زينب أبشري، إن رسول الله (ص) يخطبك، ففرحت لذلك.
تزوجها رسول الله (ص) ودخل بها في السنة الخامسة، وقيل: في السنة الثالثة، وقيل: في السنة الرابعة من الهجرة، ولها من العمر ٣٥ سنة.
وبعد زواجها من النبي (ص) كانت تقول له: إني لأدل عليك بثلاث، ما من نسائك امرأة تدل بهن: جدي وجدك واحد، وزوجنيك الله، والسفير جبرائيل (ع).
وكانت تفتخر على نساء النبي (ص) وتقول: زوجكن أهلوكن، وزوجني الله من السماء.
قالت عائشة: ما رأيت امرأة قط خيرا في الدين من زينب، وأتقى وأصدق حديثا، وأوصل للرحم، وأعظم أمانة وصدقة.
روت عن النبي (ص) أحد عشر حديثا.
بعد وفاة النبي (ص) أرسل إليها عمر بن الخطاب -أيام حكومته- مبلغ اثني عشر ألف درهم؛ كما فرض لنساء النبي (ص)، فأخذتها وفرقتها في ذوي قرابتها وأيتامها، ثم قالت: اللهم! لا يدركني عطاء عمر بن الخطاب بعد هذا.
توفيت سنة ٢٠ للهجرة، وقيل: سنة ٢١ للهجرة بالمدينة، ودفنت بالبقيع، ونزل في قبرها أسامة بن زيد وابن أخيها محمد بن عبد الله بن جحش، فكانت أول نساء النبي (ص) وفاة من بعده، وعمرها يوم توفيت كان ٥٣ سنة.
القرآن المجيد وزينب بنت جحش
في أحد الأيام طلبت من النبي (ص) أن يشتري لها بردا يمانيا، وكان يصعب على النبي (ص) تلبية طلبها، فألحت عليه، فنزلت فيها الآية ٢٨ من سورة الأحزاب: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾.
عندما أراد النبي (ص) أن يزوجها من زيد بن حارثة امتنعت عن ذلك فنزلت فيها الآية ٣٦ من نفس السورة: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا﴾.
فلما سمعت ذلك رضيت به وتزوجته.
وشملتها الآية ٣٧ من السورة نفسها: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ﴾.
وجاء ذكره كذلك في الآية السابقة: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا﴾.