رافع بن حريملة
هو رافع بن حريملة، وقيل: حرملة، وقيل: خزيمة، من بني قنيقاع.
أحد أحبار ورؤساء اليهود الذين عاصروا النبيّ (ص) عند بزوغ فجر الإسلام. كان شريرًا بغيًا كثير النفاق والشقاق، ومن ألدّ خصوم النبيّ (ص) والمسلمين، وكان يحسد النبيّ (ص) على نبوتّه.
ادّعى كذبًا ونفاقًا بأنه أسلم، فكان يحضر مع جمع من المنافقين في مسجد النبيّ (ص)، فيستمعون أحاديث المسلمين، فيسخرون منهم ويستهزئون بهم.
لمّا هلك قال النبيّ (ص): "قد مات اليوم عظيم من عظماء المنافقين".
القرآن العظيم ورافع بن حريملة:
في أحد الأيّام قال هو ومنافق آخر للنبيّ (ص): يا محمّد! ائتنا بكتاب تُنزله علينا من السماء نقرؤه، وفجِّر لنا انهارًا؛ نتّبعك ونصدقك، فأنزل الله سبحانه فيه وفي صاحبه الآية 108 من سورة البقرة: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ﴾.
وشملته الآية 113 من نفس السورة: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾.
جاء مرّة إلى النبيّ (ص) وقال: يا محمّد! عن كنت رسولاً من الله كما تقول فقل لله يكلّمنا حتى نسمع كلامه، فأنزل الله فيه الآية 118 من السورة نفسها: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾.
وشملته الآية 170 من نفس السورة: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ﴾.
دعا النبيّ (ص) اليهود إلى الإسلام، وحذّرهم غضب الجبّار، فأبوا عليه وكفروا بما جاءهم به، فقال لهم بعض المسلمين: يا معشر اليهود! اتّقوا الله، فو الله! إنكم لتعلمون أنّه رسول الله، ولقد كنتم تذكرون لنا قبل مبعثه، وتصفونه لنا بصفته، فقل المترجم له ويهوديّ آخر: ما قلنا لكم هذا قط، وما أنزل الله من كتاب بعد موسى، ولا أرسل بشيرًا ولا نذيرًا بعده، فنزلت فيهما الآية 19 من سورة المائدة: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
وشملته الآية 68 من سورة المائدة أيضًا: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾.