مناقشة ادعاء نسخ آية: (إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)

 

﴿إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾(1)  .

 

فعن ابن عباس، والحسن، وعكرمة: أنها منسوخة بقوله تعالى: ﴿وما كان المؤمنون لينفروا كافة﴾(2).

 

وهذا القول مبني على أن النفر كان واجبا ابتداء على جميع المسلمين مع أن الآية المباركة ظاهرة في أن الوجوب إنما هو على الذين يستنفرون إلى الجهاد، فقد قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ﴾(3).

 

﴿إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾(4).

 

وحاصل الآية أن من أمر بالنفير إلى الجهاد ولم يخرج استحق العذاب بتركه الواجب، ولا صلة لهذا بوجوب الجهاد على جميع المسلمين.

 

وبهذا البيان يتضح بطلان دعوى النسخ في قوله تعالى: ﴿انفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ... ﴾(5).

 

 

 نسبها القرطبي في تفسيره إلى قائل ولم يسمه ج 8 ص 150، ونسبها الطبرسي في مجمع البيان إلى السدي ج 3 ص 33.

 

بنفسه دليل على عدم النسخ، فإنه دل على أن النفر لم يكن واجبا على جميع المسلمين من بداية الأمر، فكيف يكون ناسخا للآية المذكورة.

 

المصدر:

البيان في تفسير القرآن، لزعيم الحوزة العلمية: سماحة آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي.


1- التوبة/19

2- التوبة/122

3- التوبة/38

4- التوبة/39

5- التوبة/41