سبب نزول الآية رقم (13) من سورة الحجرات

 

* قوله تعالى: ﴿يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى﴾ الآية.

 

قال ابن عباس: نزلت في ثابت بن قيس، وقوله في الرجل الذي لم يفسح له ابن فلانة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من الذاكر فلانة ؟ فقام ثابت فقال: أنا يا رسول الله فقال: انظر في وجوه القوم، فنظر فقال: ما رأيت يا ثابت ؟ فقال: رأيت أبيض وأحمر وأسود، قال: فإنك لا تفضلهم إلا في الدين والتقوى، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

 

وقال مقاتل: لما كان يوم فتح مكة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا حتى أذن على ظهر الكعبة، فقال عتاب بن أسيد بن أبي العيص: الحمد لله الذي قبض أبي حتى لم ير هذا اليوم، وقال الحارث بن هشام: أما وجد محمد غير هذا الغراب الاسود مؤذنا ؟ وقال سهيل بن عمرو: إن يرد الله شيئا يغيره، وقال أبو سفيان: إني لا أقول شيئا أخاف أن يخبر به رب السماء، فأتى جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بما قالوا، فدعاهم وسألهم عما قالوا: فأقروا، فأنزل الله تعالى هذه الآية وزجرهم عن التفاخر بالانساب والتكاثر بالاموال والازدراء بالفقراء.

 

أخبرنا أبو حسان المزكى قال: أخبرنا هارون بن محمد الاستراباذي قال: أخبرنا أبو محمد إسحاق بن محمد الخزاعي قال: أخبرنا أبو الوليد الازرقي قال: حدثني جدى قال: أخبرنا عبد الجبار بن الورد المكى قال: أخبرنا ابن أبي مليكة قال: لما كان يوم الفتح رقى بلال ظهر الكعبة ؟ فقال بعض الناس: يا عباد الله أهذا العبد الاسود يؤذن على ظهر الكعبة ؟ فقال بعضهم: إن يسخط الله هذا يغيره، فأنزل الله تعالى - يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى - وقال يزيد بن الشخير: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ببعض الاسواق بالمدينة وإذا غلام أسود قائم ينادي عليه بياع فيمن يزيد، وكان الغلام يقول: من اشتراني فعلى شرط، قيل: ما هو ؟ قال: لا يمنعنى من الصلوات الخمس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتراه رجل على هذا الشرط، وكان يراه رسول الله صلى الله عليه وسلم عند كل صلاة مكتوبة ففقده ذات يوم، فقال لصاحبه أين الغلام ؟ فقال: محموم يا رسول الله، فقال لاصحابه: قوموا بنا نعوده، فقاموا معه فعادوه، فلما كان بعد أيام قال لصاحبه: ما حال الغلام ؟ فقال: يا رسول الله الغلام قورب به، فقام ودخل عليه وهو في نزعاته، فقبض على تلك الحال، فتولى رسول الله صلى الله عليه وسلم غسله وتكفينه ودفنه، فدخل على أصحابه من ذلك أمر عظيم، فقال المهاجرون: هاجرنا ديارنا وأموالنا وأهلينا فلم ير أحد منا في حياته ومرضه وموته ما لقى هذا الغلام، وقالت الانصار: آويناه ونصرناه وواسيناه بأموالنا فآثر علينا عبدا حبشيا، فأنزل الله تبارك وتعالى - يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى - يعني أن كلكم بنو أب واحد وأمرأة واحدة، وأراهم فضل التقوى بقوله تعالى - إن أكرمكم عند الله أتقاكم -.