سبب نزول الآية رقم (113) من سورة التوبة

 

* قوله تعالى: ﴿ماكان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين﴾ الآية.

 

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الشيرازي، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن خمرويه الهروي، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخزاعي، حدثنا أبو اليمان قال: أخبرني شعيب عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبيه قال: لما حضر أبا طالب الوفاة دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل وعبد الله ابن أبي أمية فقال: أي عم قل معي لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله، فقال أبو جهل وابن أبي أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شئ كلمهم به على ملة عبد المطلب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لاستغفرن لك ما لم أنه عنه، فنزلت - ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم - روى البخاري عن إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري ورواه مسلم عن حرملة، عن ابن وهب، عن يونس، كلاهما عن الزهري.

 

أخبرنا أبو سعيد بن أبى عمرو النيسابوري، أخبرنا الحسن بن علي بن مؤمل، أخبرنا عمرو بن عبد الله البصري، أخبرنا موسى بن عبيدة قال: أخبرنا محمد بن كعب القرظى، حدثنا محمد بن عبد الوهاب، أخبرنا جعفر بن عون قال: بلغني أنه لما اشتكى أبو طالب شكواه التي قبض فيها، قالت له قريش: يا أبا طالب أرسل إلى ابن أخيك، فيرسل إليك من هذه الجنة التي ذكرها تكون لك شفاء، فخرج الرسول حتى وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر جالسا معه فقال: يا محمد إن عمك يقول إني كبير ضعيف سقيم، فأرسل إلي من جنتك هذه التي تذكر من طعامها وشرابها شيئا يكون لي فيه شفاء، فقال أبو بكر: إن الله حرمها على الكافرين، فرجع إليهم الرسول، فقال: بلغت محمدا الذي أرسلتموني به فلم يحر إلي شيئا وقال أبو بكر: إن الله حرمها على الكافرين، فحملوا أنفسهم عليه حتى أرسل رسولا من عنده، فوجد الرسول في مجلسه، فقال له مثل ذلك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله حرم على الكافرين طعامها وشرابها، ثم قام في إثر الرسول حتى دخل معه بيت أبي طالب، فوجده مملوءا رجالا فقال: خلوا بيني وبين عمي، فقالوا: ما نحن بفاعلين ما أنت أحق به منا إن كانت لك قرابة، فلنا قرابة مثل قرابتك، فجلس إليه فقال.

 

يا عم جزيت عني خيرا، يا عم أعني على نفسك بكلمة واحدة أشفع لك بها عند الله يوم القيامة، قال: وما هي يا ابن أخي ؟ قال: قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فقال: إنك لي ناصح والله لولا أن تعير بها فيقال: جزع عمك من الموت لاقررت بها عينك، قال: فصاح القوم: يا أبا طالب أنت رأس الحنيفية ملة الاشياخ، فقال: لا تحدث نساء قريش أن عمك جزع عند الموت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أزال أستغفر لك ربي حتى يردني، فاستغفر له بعد ما مات، فقال المسلمون ما يمنعنا أن نستغفر لآبائنا ولذوي قراباتنا قد استغفر إبراهيم لابيه، وهذا محمد صلى الله عليه وسلم يستغفر لعمه، فاستغفروا للمشركين حتى نزل - ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى -.

 

أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن أحمد الحراني، حدثنا محمد بن عبد الله بن نعيم، حدثنا محمد بن يعقوب الاموي، حدثنا الحر بن نصير، حدثنا ابن وهب، أخبرنا ابن جريج، عن أيوب بن هانئ، عن مسروق بن الاجدع، عن عبد الله بن مسعود قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر في المقابر وخرجنا معه فأخذنا مجلسنا، ثم تخطى القبور حتى انتهى إلى قبر منها فناحاه طويلا ثم ارتفع وجئنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم باك، فبكينا لبكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إنه أقبل إلينا فتلقاه عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله ما الذي أبكاك فقد أبكانا وأفزعنا، فجاء فجلس إلينا فقال: أفزعكم بكائي ؟ فقلنا: نعم، فقال: إن القبر الذي رأيتموني أناجي فيه قبر آمنة بنت وهب، وإني استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي فيها واستأذنت ربي في الاستغفار لها فلم يأذن لي فيه، ونزل - وما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين - حتى ختم الآية - وما كان استغفار إبراهيم لابيه إلا عن موعدة وعدها إياه - فأخذني ما يأخذ الولد للوالدة من الرقة، فذلك الذي أبكاني.