سبب نزول الآية رقم (67) من سورة الأنفال

* قوله تعالى: ﴿ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الارض﴾ الآية.

قال مجاهد: كان عمر بن الخطاب يرى الرأي فيوافق رأيه ما يجئ من السماء، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم استشار في أسارى بدر فقال المسلمون بنو عمك أفدهم، قال عمر: لا يا رسول الله اقتلهم، قال: فنزلت هذه الآية - ما كان لنبي أن يكون له أسرى -.

وقال ابن عمر: استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاسارى أبا بكر فقال: قومك وعشيرتك خل سبيلهم، واستشار عمر فقال: اقتلهم، ففاداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى - ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الارض - إلى قوله تعالى - فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا - قال: تلقى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كاد أن يصيبنا في خلافك بلاء.

أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحيرى قال: أخبرنا حاجب بن أحمد قال: حدثنا محمد بن حما د قال: حدثنا أبو معاوية عن الاعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبى عبيدة عن عبد الله قال: لما كان يوم بدر وجئ بالاسرى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تقولون في هؤلاء الاسرى ؟ فقال أبو بكر: يا رسول الله قومك وأصلك استبقهم واستأن بهم لعل الله عز وجل يتوب عليهم، وقال عمر كذبوك وأخرجوك فقدمهم فاضرب أعناقهم، وقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله انظر واديا كثير الحطب فأدخلهم فيه، ثم اضرم عليهم نارا، فقال العباس: قطعت رحمك، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يجبهم، ثم دخل فقال ناس: يأخذ بقول أبي بكر، وقال ناس يأخذ بقول عمر، وقال ناس: يأخذ بقول عبد الله، ثم خرج عليهم فقال: إن الله عز وجل ليلين قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللبن، وإن الله عز وجل ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة، وأن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم قال - من تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم - وإن مثلك يا أبا بكر كمثل عيسى قال - إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم - وإن مثلك يا عمر كمثل موسى قال: ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم ومثلك يا عمر كمثل نوح قال - رب لا تذر على الارض من الكافرين ديارا - ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتم اليوم عالة أنتم اليوم عالة، فلا ينقلبن منهم أحد إلا بفداء أو ضرب عنق، قال: فأنزل الله عز وجل - ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الارض - إلى آخر الآيات الثلاث.

أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان العدل قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنى أبي قال: حدثنا أبو نوح قراد قال: حدثنا عكرمة بن عما ر قال: حدثنا سما ك الحنفي أبو زميل قال: حدثني ابن عباس قال: حدثني عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم بدر والتقوا فهزم الله المشركين وقتل منهم سبعون رجلان وأسر سبعون رجلا استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر وعليا، فقال أبو بكر: يا رسول الله هؤلاء بنو العم والعشيرة والاخوان، وإني أرى أن تأخذ منهم الفدية، فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا على الكفار، وعسى أن يهديهم الله فيكونوا لنا عضدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ترى يا ابن الخطاب، قال: قلت والله ما أرى ما رأى أبو بكر ولكن أن تمكنني من فلان قريب لعمر فأضرب عنقه، وتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه حتى يعلم الله عز وجل أنه ليس في قلوبنا موادة للمشركين، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم، فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت فأخذ منهم الفداء، فلما كان من الغد قال عمر: غدوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو قاعد وأبو بكر الصديق وإذا هما يبكيان فقلت: يا رسول الله أخبرني ما ذا يبكيك أنت وصاحبك، فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ابكى للذي عرض على أصحابك من الفداء، لقد عرض علي عذابكم أدنى من هذه الشجرة لشجرة قريبة، وأنزل الله عز وجل - ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الارض - إلى قوله - لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم من الفداء عذاب عظيم - رواه مسلم في الصحيح عن هناد بن السرى، عن ابن المبارك، عن عكرمة بن عمارة.