عداوة اليهود لجبرئيل (ع)
المسألة:
إلى من تشير هذه الآية من سورة البقرة: ﴿مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ﴾(1) ولماذا جبرئيل دون سائر الملائكة؟
الجواب:
المشار إليهم في الآية المباركة -بحسب ما ورد في أسباب النزول- هم اليهود، فقد ورد أنَّ أحدهم أو جمعاً منهم جاؤا للنبي (ص) فسألوه عن مسائل فأجابهم عنها ثم سألوه عمَّن ينزل عليه بالوحي فأخبرهم أنَّه جبرئيل (ع) فقالوا لو كان مّن ينزل عليك بالوحي غير جبرئيل لقبلنا بنبوَّتك، وزعموا أنَّ جبرئيل عدو لليهود لأنه ينزل بالعذاب والجدب، وزعموا انَّه لو كان مَن ينزل عليه بالوحي هو ميكائيل لآمنوا به، ذلك لأنَّ ميكائيل ينزل باليسر والرخاء.
فذريعة اليهود في جحودهم بقرآنية ما ينزل على النبي (ص) -في هذا المشهد- هو أنَّ مَن ينزل عليه بالوحي هو جبرئيل الذي هو عدو لهم لكونه بحسب زعمهم مَلَك فظٌ غليظ ينزل بالعذاب والجدب.
وقد تصدت الآية المذكورة لتفنيد هذه الذريعة الواهية وأفادت أنَّ جبرئيل (ع) إنَّما ينزل على قلب النبي (ص) بإذن الله تعالى وأمره، فإنْ كان ثمة اعتراض ومناكفة فهو اعتراض على الله تعالى ومناكفة لله جلَّ وعلا، فجبرئيل عبد مطيع لله تعالى لا يعصيه في أمر شأنه في ذلك شأن سائر ملائكة الله الذين نعتهم بقوله: ﴿عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ / لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾(2) وبقوله تعالى: ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾(3)
ثم إنَّ صدق النبي (ص) في دعواه قرآنية ما يتلوه عليهم وأنه وحيٌ من عندالله تعالى ليس منوطاً بهوية مَن ينزل على قلبه، إذ أنَّ القرآن -بمضامينه ومظهره- يحمل بذاته دلائل صدقه، وهذا هو مؤدى قوله تعالى: ﴿مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾(4)، فلأن القرآن كان كذلك فهو إذن من عند الله تعالى دون ريب فلا مسوِّغ للجحود بذريعة العداوة لجبرئيل (ع).
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور
1- سورة البقرة / 97.
2- سورة الأنبياء / 26-27.
3- سورة التحريم / 6.
4- سورة البقرة / 97.