قوم:

يقال قام يقوم قياما فهو قائم وجمعه قيام، وأقامه غيره.

وأقام بالمكان إقامة، والقيام على أضرب: قيام بالشخص إما بتسخير أو اختيار، وقيام للشئ هو المراعاة للشئ والحفظ له، وقيام هو على العزم على الشئ، فمن القيام بالتسخير ﴿قائم وحصيد﴾ وقوله: ﴿ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها﴾ ومن القيام الذي هو بالاختيار قوله تعالى: ﴿أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما﴾.

وقوله: ﴿الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم﴾ وقوله ﴿الرجال قوامون على النساء﴾ وقوله: ﴿والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما﴾ والقيام في الآيتين جمع قائم.

ومن المراعاة للشئ قوله: ﴿كونوا قوامين لله شهداء بالقسط - قائما بالقسط﴾ وقوله ﴿أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت﴾ أي حافظ لها.

وقوله تعالى: ﴿ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة﴾ وقوله: ﴿إلا ما دمت عليه قائما﴾ أي ثابتا على طلبه.

ومن القيام الذي هو العزم قوله: ﴿يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة﴾ وقوله: ﴿يقيمون الصلاة﴾ أي يديمون فعلها ويحافظون عليها.

والقيام والقوام اسم لما يقوم به الشئ أي يثبت، كالعماد والسناد لما يعمد ويسند به، كقوله: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما﴾ أي جعلها مما يمسككم.

وقوله: ﴿جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس﴾ أي قواما لهم يقوم به معاشهم ومعادهم.

قال الأصم: قائما لا ينسخ، وقرئ قيما بمعنى قياما وليس قول من قال جمع قيمة بشئ ويقال قام كذا وثبت وركز بمعنى.

وقوله ﴿واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى﴾ وقام فلان مقام فلان إذا ناب عنه.

قال ﴿فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان﴾.

وقوله ﴿دينا قيما﴾ أي ثابتا مقوما لأمور معاشهم ومعادهم.

وقرئ قيما مخففا من قيام وقيل هو وصف نحو قوم عدى ومكان سوى ولحم رذى وماء روى، وعلى هذا قوله ﴿ذلك الدين القيم﴾ وقوله: ﴿ولم يجعل له عوجا قيما﴾ وقوله: ﴿وذلك دين القيمة﴾ فالقيمة ههنا اسم للأمة القائمة بالقسط المشار إليهم بقوله ﴿كنتم خير أمة﴾ وقوله: ﴿كونوا قوامين بالقسط شهداء لله - يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة﴾ فقد أشار بقوله صحفا مطهرة إلى القرآن وبقوله ﴿كتب قيمة﴾ إلى ما فيه من معاني كتب الله تعالى فإن القرآن مجمع ثمرة كتب الله تعالى المتقدمة.

وقوله: ﴿الله لا إله إلا هو الحي القيوم﴾ أي القائم الحافظ لكل شئ والمعطى له ما به قوامه وذلك هو المعنى المذكور في قوله: ﴿الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى﴾ وفى قوله ﴿أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت﴾ وبناء قيوم فيعول، وقيام فيعال نحو ديون وديان، والقيامة عبارة عن قيام الساعة المذكور في قوله ﴿ويوم تقوم الساعة - يوم يقوم الناس لرب العالمين - وما أظن الساعة قائمة﴾ والقيامة أصلها ما يكون من الانسان من القيام دفعة واحدة أدخل فيها الهاء تنبيها على وقوعها دفعة، والمقام يكون مصدرا واسم مكان القيام وزمانه نحو ﴿إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري - ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد - ولمن خاف مقام ربه - واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى - فيه آيات بينات مقام إبراهيم﴾ وقوله ﴿وزروع ومقام كريم - إن المتقين في مقام أمين - خير مقاما وأحسن نديا﴾ وقال ﴿وما منا إلا له مقام معلوم﴾ وقال ﴿أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك﴾ قال الأخفش: في قوله ﴿قبل أن تقوم من مقامك﴾ إن المقام المقعد فهذا إن أراد أن المقام والمقعد بالذات شئ واحد، وإنما يختلفان بنسبته إلى الفاعل كالصعود والحدور فصحيح، وإن أراد أن معنى المقام معنى المقعد فذلك بعيد فإنه يسمى المكان الواحد مرة مقاما إذا اعتبر بقيامه ومقعدا إذا اعتبر بقعوده، وقيل المقامة الجماعة، قال الشاعر: * وفيهم مقامات حسان وجوههم * وإنما ذلك في الحقيقة اسم للمكان وإن جعل اسما لأصحابه نحو قول الشاعر: * واستب بعدك يا كليب المجلس * فسمى المستبين المجلس.

والاستقامة يقال في الطريق الذي يكون على خط مستو وبه شبه طريق المحق نحو ﴿اهدنا الصراط المستقيم - وأن هذا صراطي مستقيما - إن ربى على صراط مستقيم﴾ واستقامة الانسان لزومه المنهج المستقيم نحو قوله ﴿إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا﴾ وقال ﴿فاستقم كما أمرت - فاستقيموا إليه﴾ والإقامة في المكان الثبات وإقامة الشئ توفية حقه، وقال ﴿قل يا أهل الكتاب لستم على شئ حتى تقيموا التوراة والإنجيل﴾ أي توفون حقوقهما بالعلم والعمل وكذلك قوله ﴿ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل﴾ ولم يأمر تعالى بالصلاة حيثما أمر ولا مدح به حيثما مدح إلا بلفظ الإقامة تنبيها أن المقصود منها توفية شرائطها لا الاتيان بهيئاتها، نحو ﴿أقيموا الصلاة﴾ في غير موضع ﴿والمقيمين الصلاة﴾ وقوله ﴿وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى﴾ فإن هذا من القيام لا من الإقامة وأما قوله ﴿رب اجعلني مقيم الصلاة﴾ أي وفقني لتوفية شرائطها وقوله ﴿فإن تابوا وأقاموا الصلاة﴾ فقد قيل عنى به إقامتها بالاقرار بوجوبها لا بأدائها، والمقام يقال للمصدر والمكان والزمان والمفعول لكن الوارد في القرآن هو المصدر نحو قوله ﴿إنها ساءت مستقرا ومقاما﴾ والمقامة الإقامة، قال ﴿الذي أحلنا دار المقامة من فضله﴾ نحو ﴿دار الخلد - وجنات عدن﴾ وقوله ﴿لا مقام لكم فارجعوا﴾ من قام أي لا مستقر لكم وقد قرئ ﴿لا مقام لكم﴾ من أقام.

ويعبر بالإقامة عن الدوام نحو ﴿عذاب مقيم﴾ وقرئ ﴿إن المتقين في مقام أمين﴾ أي في مكان تدوم إقامتهم فيه، وتقويم الشئ تثقيفه، قال ﴿لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم﴾ وذلك إشارة إلى ما خص به الانسان من بين الحيوان من العقل والفهم وانتصاب القامة الدالة على استيلائه على كل ما في هذا العالم، وتقويم السلعة بيان قيمتها.

والقوم جماعة الرجال في الأصل دون النساء، ولذلك قال: ﴿لا يسخر قوم من قوم﴾ الآية، قال الشاعر: * أقوم آل حصن أم نساء * وفى عامة القرآن أريدوا به والنساء جميعا، وحقيقته للرجال لما نبه عليه قوله ﴿الرجال قوامون على النساء﴾ الآية.