قول:
القول والقيل واحد، قال: ﴿ومن أصدق من الله قيلا﴾ والقول يستعمل على أوجه أظهرها أن يكون للمركب من الحروف المبرز بالنطق مفردا كان أو جملة، فالمفرد كقولك زيد وخرج.
والمركب زيد منطلق، وهل خرج عمرو، ونحو ذلك، وقد يستعمل الجزء الواحد من الأنواع الثلاثة أعنى الاسم والفعل والأداة قولا كما قد تسمى القصيدة والخطبة ونحوهما قولا.
الثاني: يقال للمتصور في النفس قبل الابراز باللفظ قول فيقال في نفسي قول لم أظهره، قال تعالى: ﴿ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله﴾ فجعل ما في اعتقادهم قولا الثالث: للاعتقاد نحو فلان يقول بقول أبي حنيفة.
الرابع: يقال للدلالة على الشئ نحو قول الشاعر: * امتلأ الحوض وقال قطني * الخامس: يقال للعناية الصادقة بالشئ كقولك فلان يقول بكذا.
السادس: يستعمله المنطقيون دون غيرهم في معنى الحد فيقولون قول الجوهر كذا وقول العرض كذا، أي حدهما.
السابع: في الالهام نحو ﴿قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب﴾ فإن ذلك لم يكن بخطاب ورد عليه فيما روى وذكر، بل كان ذلك إلهاما فسماه قولا.
وقيل في قوله ﴿قالتا أتينا طائعين﴾ إن ذلك كان بتسخير من الله تعالى لا بخطاب ظاهر ورد عليهما، وكذا قوله تعالى: ﴿قلنا يا نار كوني بردا وسلاما﴾، وقوله: ﴿يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم﴾ فذكر أفواههم تنبيها على أن ذلك كذب مقول لا عن صحة اعتقاد كما ذكر في الكتابة باليد فقال تعالى ﴿فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله﴾ وقوله ﴿لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون﴾ أي علم الله تعالى بهم وكلمته عليهم كما قال تعالى ﴿وتمت كلمة ربك﴾ وقوله ﴿إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون﴾ وقوله ﴿ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون﴾ فإنما سماه قول الحق تنبيها على ما قال: ﴿إن مثل عيسى عند الله﴾ إلى قوله: ﴿ثم قال له كن فيكون﴾ وتسميته قولا كتسميته كلمة في قوله: ﴿وكلمته ألقاها إلى مريم﴾ وقوله: ﴿إنكم لفي قول مختلف﴾ أي لفي أمر من البعث فسماه قولا فإن المقول فيه يسمى قولا كما أن المذكور يسمى ذكرا.
وقوله: ﴿إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون﴾ فقد نسب القول إلى الرسول وذلك أن القول الصادر إليك عن الرسول يبلغه إليك عن مرسل له فيصح أن تنسبه تارة إلى الرسول، وتارة إلى المرسل، وكلاهما صحيح.
فإن قيل: فهل يصح على هذا أن ينسب الشعر والخطبة إلى راويهما كما تنسبهما إلى صانعهما ؟ قيل يصح أن يقال للشعر هو قول الراوي.
ولا يصح أن يقال هو شعره وخطبته لان الشعر يقع على القول إذا كان على صورة مخصوصة وتلك الصورة ليس للراوي فيها شئ.
والقول هو قول الراوي كما هو قول المروى عنه.
وقوله تعالى: ﴿إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون﴾ لم يرد به القول المنطقي فقط بل أراد ذلك إذا كان معه اعتقاد وعمل.
ويقال للسان المقول، ورجل مقول منطيق وقوال وقوالة كذلك.
والقيل الملك من ملوك حمير سموه بذلك لكونه معتمدا على قوله ومقتدى به ولكونه متقيلا لأبيه.
ويقال تقيل فلان أباه.
وعلى هذا النحو سموا الملك بعد الملك تبعا وأصله من الواو لقولهم في جمعه أقوال نحو ميت وأموات، والأصل قيل نحو ميت أصله ميت فخفف.
وإذا قيل إقيال فذلك نحو أعياد.
وتقيل أباه نحو تعبد، واقتال قولا.
قال ما اجتر به إلى نفسه خيرا أو شرا ويقال ذلك في معنى احتكم قال الشاعر: * تأبى حكومة المقتال * والقال والقالة ما ينشر من القول.
قال الخليل: يوضع القال موضع القائل.
فيقال أنا قال كذا أي قائله.