قبل:

قبل يستعمل في التقدم المتصل والمنفصل ويضاده بعد، وقيل يستعملان في التقدم المتصل ويضادهما دبر ودبر هذا في الأصل وإن كان قد يتجوز في كل واحد منهما.

فقبل يستعمل على أوجه، الأول: في المكان بحسب الإضافة فيقول الخارج من أصبهان إلى مكة: بغداد قبل الكوفة، ويقول الخارج من مكة إلى أصبهان: الكوفة قبل بغداد.

الثاني: في الزمان نحو: زمان عبد الملك قبل المنصور، قال: ﴿فلم تقتلون أنبياء الله من قبل﴾.

الثالث: في المنزلة نحو: عبد الملك قبل الحجاج.

الرابع: في الترتيب الصناعي نحو تعلم الهجاء قبل تعلم الخط، وقوله: ﴿ما آمنت قبلهم من قرية﴾ وقوله: ﴿قبل طلوع الشمس وقبل غروبها - قبل أن تقوم من مقامك - أوتوا الكتاب من قبل﴾ فكل إشارة إلى التقدم الزماني.

والقبل والدبر يكنى بهما عن السوأتين، والاقبال التوجه نحو القبل، كالاستقبال، قال ﴿فأقبل بعضهم - وأقبلوا عليهم - فأقبلت امرأته﴾ والقابل الذي يستقبل الدلو من البئر فيأخذه، والقابلة التي تقبل الولد عند الولادة، وقبلت عذره وتوبته وغيره وتقبلته كذلك، قال ﴿ولا يقبل منها عدل - وقابل التوب - وهو الذي يقبل التوبة - إنما يتقبل الله﴾ والتقبل قبول الشئ على وجه يقتضى ثوابا كالهدية ونحوها، قال: ﴿أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا﴾ وقوله: ﴿إنما يتقبل الله من المتقين﴾ تنبيه أن ليس كل عبادة متقبلة بل إنما يتقبل إذا كان على وجه مخصوص، قال: ﴿فتقبل منى﴾ وقيل للكفالة قبالة فإن الكفالة هي أو كد تقبل، وقوله ﴿فتقبل منى﴾ فباعتبار معنى الكفالة، وسمى العهد المكتوب قبالة، وقوله ﴿فتقبلها﴾ قيل معناه قبلها وقيل معناه تكفل بها ويقول الله تعالى كلفتني أعظم كفالة في الحقيقة وإنما قيل: ﴿فتقبلها ربها بقبول﴾ ولم يقل بتقبل للجمع بين الامرين: التقبل الذي هو الترقي في القبول، والقبول الذي يقتضى الرضا والإثابة.

وقيل القبول هو من قولهم فلان عليه قبول إذا أحبه من رآه، وقوله: ﴿كل شئ قبلا﴾ قيل هو جمع قابل ومعناه مقابل لحواسهم، وكذلك قال مجاهد: جماعة جماعة، فيكون جمع قبيل، وكذلك قوله: ﴿أو يأتيهم العذاب قبلا﴾ ومن قرأ قبلا فمعناه عيانا.

والقبيل جمع قبيلة وهي الجماعة المجتمعة التي يقبل بعضها على بعض، قال ﴿وجعلناكم شعوبا وقبائل - والملائكة قبيلا﴾ أي جماعة جماعة وقيل معناه كفيلا من قولهم قبلت فلانا وتقبلت به أي تكفلت به، وقيل مقابلة أي معاينة، ويقال فلان لا يعرف قبيلا من دبير أي ما أقبلت به المرأة من غزلها وما أدبرت به.

والمقابلة والتقابل أن يقبل بعضهم على بعض إما بالذات وإما بالعناية والتوفر والمودة، قال: ﴿متكئين عليها متقابلين - إخوانا على سرر متقابلين﴾

ولى قبل فلان كذا كقولك عنده، قال ﴿وجاء فرعون ومن قبله - فما للذين كفروا قبلك مهطعين﴾ ويستعار ذلك للقوة والقدرة على المقابلة أي المجازاة فيقال لا قبل لي بكذا أي لا يمكنني أن أقابله، قال: ﴿فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها﴾ أي لا طاقة لهم على استقبالها ودفاعها.

والقبلة في الأصل اسم للحالة التي عليها المقابل نحو الجلسة والقعدة، وفى التعارف صار اسما للمكان المقابل المتوجه إليه للصلاة نحو ﴿فلنولينك قبلة ترضاها﴾ والقبول ريح الصبا تسميتها بذلك لاستقبالها القبلة.

وقبيلة الرأس موصل الشؤون وشاة مقابلة قطع من قبل أذنها، وقبال النعل زمامها، وقد قابلتها جعلت لها قبالا، والقبل الفحج، والقبلة خرزة يزعم الساحر أنه يقبل بالانسان على وجه الاخر، ومنه القبلة وجمعها قبل وقبلته تقبيلا.