لا:

 

لا يستعمل للعدم المحض نحو زيد لا عالم وذلك يدل على كونه جاهلا وذلك يكون للنفي ويستعمل في الأزمنة الثلاثة ومع الاسم والفعل غير أنه إذا نفى به الماضي فإما أن لا يؤتى بعده بالفعل نحو أن يقال لك هل خرجت ؟ فتقول لا، وتقديره لا خرجت.

 

ويكون قلما يذكر بعده الفعل الماضي إلا إذا فصل بينهما بشئ نحو لا رجلا ضربت ولا امرأة، أو يكون عطفا نحو لا خرجت ولا ركبت، أو عند تكريره نحو ﴿فلا صدق ولا صلى﴾ أو عند الدعاء نحو قولهم لا كان ولا أفلح، ونحو ذلك.

 

فمما نفى به المستقبل قوله ﴿لا يعزب عنه مثقال ذرة﴾ وقد يجئ " لا " داخلا على كلام مثبت، ويكون هو نافيا لكلام محذوف نحو: ﴿وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء﴾ وقد حمل على ذلك قوله: ﴿لا أقسم بيوم القيامة - فلا أقسم برب المشارق - فلا أقسم بمواقع النجوم - فلا وربك لا يؤمنون﴾ وعلى ذلك قول الشاعر: * لا وأبيك ابنة العامري * وقد حمل على ذلك قول عمر رضي الله عنه وقد أفطر يوما في رمضان، فظن أن الشمس قد غربت ثم طلعت: لا، نقضيه ما تجانفنا الاثم فيه، وذلك أن قائلا قال له قد أثمنا فقال لا، نقضيه.

 

فقوله " لا " رد لكلامه قد أثمنا ثم استأنف فقال نقضيه.

 

وقد يكون لا للنهي نحو ﴿لا يسخر قوم من قوم - ولا تنابزوا بالألقاب﴾ وعلى هذا النحو ﴿يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان﴾ وعلى ذلك ﴿لا يحطمنكم سليمان وجنوده﴾ وقوله ﴿وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله﴾ فنفى قيل تقديره إنهم لا يعبدون، وعلى هذا ﴿وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم﴾ وقوله ﴿ما لكم لا تقاتلون﴾ يصح أن يكون لا تقاتلون في موضع الحال: ما لكم غير مقاتلين.

 

ويجعل لا مبنيا مع النكرة بعده فيقصد به النفي نحو ﴿لا رفث ولا فسوق﴾ وقد يكرر الكلام في المتضادين ويراد إثبات الامر فيهما جميعا نحو أن يقال ليس زيد بمقيم ولا ظاعن أي يكون تارة كذا وتارة كذا، وقد يقال ذلك ويراد إثبات حالة بينهما نحو أن يقال ليس بأبيض ولا أسود وإنما يراد إثبات حالة أخرى له، وقوله ﴿لا شرقية ولا غربية﴾ فقد قيل معناه إنها شرقية وغربية وقيل معناه مصونة عن الافراط والتفريط.

 

وقد يذكر " لا " ويراد به سلب المعنى دون إثبات شئ ويقال له الاسم غير المحصل نحو لا إنسان إذا قصدت سلب الانسانية، وعلى هذا قول العامة لا حد أي لا أحد.