حسن

 

الحسن: عبارة عن كل مبهج مرغوب فيه، وذلك ثلاثة أضرب:

 

مستحسن من جهة العقل.

 

ومستحسن من جهة الهوى.

 

ومستحسن من جهة الحس.

 

والحسنة يعبر عنها عن كل ما يسر من نعمة تنال الإنسان في نفسه وبدنه وأحواله، والسيئة تضادها. وهما من الألفاظ المشتركة، كالحيوان، الواقع على أنواع مختلفة كالفرس والإنسان وغيرهما، فقوله تعالى: ﴿وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ﴾ النساء/78، أي: خصب وسعة وظفر، ﴿وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ﴾ أي: جدب وضيق وخيبة (عن مطرف بن عبد الله قال: ما تريدون من القدر؟ ما يكفيكم الآية التي في سورة النساء: ﴿وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا﴾ الدر المنثور 2/597)، ﴿يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا﴾ النساء/78، وقال تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَذِهِ﴾ الأعراف/131، وقوله تعالى: ﴿مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ﴾ النساء/79، أي: من ثواب، ﴿وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ﴾ النساء/79، أي: من عقاب. والفرق بين الحسن والحسنة والحسنى أن الحسن يقال في الأعيان والأحداث، وكذلك الحسنة إذا كانت وصفا، وإذا كانت اسما فمتعارف في الأحداث، والحسنى لا يقال إلا في الأحداث دون الأعيان، والحسن أكثر ما يقال في تعارف العامة في المستحسن بالبصر، يقال: رجل حسن وحسان، وامرأة حسناء وحسانة، وأكثر ما جاء في القرآن من الحسن فللمستحسن من جهة البصيرة، وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾ الزمر/18، أي: الأبعد عن الشبهة، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إذا شككت في شيء فدع) (ورد بمعناه عن أبي أمامة أن رجلا سأل رسول الله عن الإثم. قال: إذا حاك في نفسك شيء فدعه. أخرجه أحمد 5/252).

 

﴿وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً﴾ البقرة/83، أي: كلمة حسنة، وقال تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا﴾ العنكبوت/8، وقوله عز وجل: ﴿هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ﴾ التوبة/52، وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ المائدة/50، إن قيل: حكمه حسن لمن يوقن ولمن لا يوقن فلم خص؟

 

قيل: القصد إلى ظهور حسنه والاطلاع عليه، وذلك يظهر لمن تزكى واطلع على حكمة الله تعالى دون الجهلة.

 

والإحسان يقال على وجهين:

 

أحدهما: الإنعام على الغير، يقال: أحسن إلى فلان.

 

والثاني: إحسان في فعله، وذلك إذا علم علما حسنا، أو عمل عملا حسنا، وعلى هذا قول أمير المؤمنين: (الناس أبناء ما يحسنون) (انظر: البصائر 2/465؛ والذريعة ص 24 ونهج البلاغة ص 674، وفيه: قيمة كل امرئ ما يحسنه) أي: منسوبون إلى ما يعلمون وما يعملونه من الأفعال الحسنة.

 

قوله تعالى: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ السجدة/7، والإحسان أعم من الإنعام. قال تعالى: ﴿إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ﴾ الإسراء/7، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾ النحل/90، فالإحسان فوق العدل، وذاك أن العدل هو أن يعطي ما عليه، ويأخذ أقل مما له، والإحسان أن يعطي أكثر مما عليه، ويأخذ أقل مما له (انظر نهج البلاغة ص 708).

 

فالإحسان زائد على العدل، فتحري العدل واجب، وتحري الإحسان ندب وتطوع، وعلى هذا قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ النساء/125، وقوله عز وجل: ﴿وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾ البقرة/178، ولذلك عظم الله تعالى ثواب المحسنين، فقال تعالى: ﴿وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ العنكبوت/69، وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ البقرة/195، وقال تعالى: ﴿مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ﴾ التوبة/91، ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ﴾ النحل/30.