صوب
- الصواب يقال على وجهين: أحدهما: باعتبار الشيء في نفسه، فيقال: هذا صواب: إذا كان في نفسه محمودا ومرضيا، بحسب مقتضى العقل والشرع، نحو قولك: تحري العدل صواب، والكرم صواب. والثاني: يقال باعتبار القاصد إذا أدرك المقصود بحسب ما يقصده، فيقال: أصاب كذا، أي: وجد ما طلب، كقولك: أصابه السهم، وذلك على أضرب؟؟:
الأول: أن يقصد ما يحسن قصده فيفعله، وذلك هو الصواب التام المحمود به الإنسان.
والثاني: أن يقصد ما يحسن فعله، فيتأتى منه غيره لتقديره بعد اجتهاده أنه صواب، وذلك هو المراد بقوله عليه السلام: (كل مجتهد مصيب) ( استدراك هذه قاعدة فقهية، وليست حديثا. وهي ظاهر قول مالك وأبي حنيفة. ومعناها: كل مجتهد في الفروع التي لا قاطع فيها مصيب في اجتهاده، وليست على إطلاقها، إذ لا يجوز أن يقال: كل مجتهد في الأصول الكلامية - أي: العقائد الدينية - مصيب؛ لأن ذلك يؤدي إلى تصويب أهل الضلالة من النصارى القائلين بالتثليث، والثنوية من المجوس في قولهم بالأصلين للعالم: النور والظلمة، والكفار في نفيهم التوحيد، وبعثة الرسل، والمعاد في الآخرة. انظر: لطائف الإشارات شرح منظومة الورقات في الأصول ص 59؛ واللمع ص 358)، وروي (المجتهد مصيب وإن أخطأ فهذا له أجر) (المروي في ذلك عن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد) متفق عليه: البخاري 13/318 كتاب الاعتصام، مسلم (1342) كتاب الأقضية) كما روي: (من اجتهد فأصاب فله أجران، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر) (المروي في ذلك عن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد) متفق عليه: البخاري 13/318 كتاب الاعتصام، مسلم (1342) كتاب الأقضية).
والثالث: أن يقصد صوابا، فيتأتى منه خطأ لعارض من خارج، نحو من يقصد رمي صيد، فأصاب إنسانا، فهذا معذور.
والرابع: أن يقصد ما يقبح فعله، ولكن يقع منه خلاف ما يقصده، فيقال: أخطأ في قصده، وأصاب الذي قصده، أي: وجده، والصوب: الإصابة: يقال: صابه وأصابه، وجعل الصوب لنزول المطر إذا كان بقدر ما ينفع، وإلى هذا القدر من المطر أشار بقوله: ﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ ﴾المؤمنون/18، قال الشاعر:
فسقى ديارك غير مفسدها * صوب الربيع وديمة تهمي
(البيت لطرفة بن العبد، في ديوانه ص 88؛ والبصائر 3/448)
والصيب: السحاب المختص بالصوب، وهو فيعل من: صاب يصوب، قال الشاعر:
فكأنما صابت عليه سحابة
(هذا شطر بيت، وعجزه:
صواعقها ليرهن دبيب
وهو لعلقمة بن عبدة من مفضليته التي مطلعها:
طحا بك قلب في الحسان طروب * بعيد الشباب عصر حان مشيب
وهو في المفضليات ص 395؛ واللسان (صوب) )
وقوله: ﴿ أَوْ كَصَيِّبٍ ﴾البقرة/19، قيل: هو السحاب، وقيل: هو المطر، وتسميته به كتسميته بالسحاب، وأصاب السهم: إذا وصل إلى المرمى بالصواب، والمصيبة أصلها في الرمية، ثم اختصت بالنائبة. نحو: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾آل عمران/165، ﴿ فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ ﴾النساء/62، ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ﴾آل عمران/166، ﴿ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾الشورى/30، وأصاب: جاء في الخير والشر. قال تعالى: ﴿ إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ ﴾التوبة/50، ﴿ وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله ﴾النساء/73، ﴿يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء﴾النور/43، ﴿ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ ﴾الروم/48، قال: الإصابة في الخير اعتبارا بالصوب؛ أي: بالمطر، وفي الشر اعتبارا بإصابة السهم، وكلاهما يرجعان إلى أصل.