عدا

 

- العدو: التجاوز ومنافاة الالتئام، فتارة يعتبر بالقلب، فيقال له: العداوة والمعاداة، وتارة بالمشيء، فيقال له: العدو، وتارة في الإخلال بالعدالة في المعاملة، فيقال له: العدوان والعدو. قال تعالى: ﴿ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ الأنعام/108، وتارة بأجزاء المقر، فيقال له: العدواء. يقال: مكان ذو عدواء (العدواء: المكان الذي لا يطمئن من قعد عليه. انظر: المجمل: 3/653)، أي: غير متلائم الأجزاء. فمن المعاداة يقال: رجل عدو، وقوم عدو. قال تعالى: ﴿ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ﴾ طه/123، وقد يجمع على عدى وأعداء. قال تعالى: ﴿ويم يحشر أعداء الله﴾ فصلت/19، والعدو ضربان:

 

أحدهما: بقصد من المعادي نحو: ﴿ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ ﴾ النساء/92، ﴿ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ ﴾ الفرقان/31، وفي أخرى: ﴿ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ ﴾ الأنعام/112.

 

والثاني: لا بقصده بل تعرض له حالة يتأذى بها كما يتأذى مما يكون من العدى، نحو قوله: ﴿ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ الشعراء/77، وقوله في الأولاد: ﴿ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ﴾ التغابن/14، ومن العدو يقال:  فعادى عداء بين ثور ونعجة (شطر بيت، وعجزه: دراكا ولم ينضج بماء فيغسل، وهو لامرئ القيسس في ديوانه ص 120)

 

أي: أعدى أحدهما إثر الآخر، وتعادت المواشي بعضها في إثر بعض، ورأيت عداء القوم الذين يعدون من الرجالة. والاعتداء: مجاوزة الحق. قال تعالى: ﴿ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ ﴾ البقرة/231، وقال: ﴿ وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ ﴾ النساء/14، ﴿ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ ﴾ البقرة/65، فذلك بأخذهم الحيتان على جهة الاستحلال، قال: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا ﴾ البقرة/229، وقال: ﴿ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾ المؤمنون/7، ﴿ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ ﴾ البقرة/178، ﴿ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ﴾ الشعراء/166، أي: معتدون، أو معادون، أو متجاوزون الطور، من قولهم: عدا طوره، ﴿ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ البقرة/190. فهذا هو الاعتداء على سبيل الابتداء لا على سبيل المجازاة؛ لأنه قال: ﴿ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ﴾ البقرة/194، أي: قابلوه بحسب اعتدائه وتجاوزوا إليه بحسب تجاوزه. ومن العدوان المحظور ابتداء قوله: ﴿ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ المائدة/2، ومن العدوان الذي هو على سبيل المجازاة، ويصح أن يتعاطى مع من ابتدأ قوله: ﴿ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ البقرة/193، ﴿ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ﴾ النساء/30، وقوله تعالى: ﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ ﴾ البقرة/ 173، أي غير باغ لتناول لذة، ﴿ وَلاَ عَادٍ ﴾ أي متجاوز سد الجوعة. وقيل: غير باغ على الإمام ولا عاد في المعصية طريق المخبتين (وهذا قول مجاهد. وانظر: الدر المنثور 1/408). وقد عدا طوره: تجاوزه، وتعدى إلى غيره، ومنه: التعدي في الفعل. وتعدية الفعل في النحو هو تجاوز معنى الفعل من الفاعل إلى المفعول. وما عدا كذا يستعمل في الاستثناء، وقوله: ﴿ إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى ﴾ الأنفال/42، أي: الجانب المتجاوز للقرب.