الآية 53

قوله تعالى: ﴿وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾

هذا اخبار عما قال يوسف على وجه التواضع لله لست أبرئ نفسي من السوء، والتبرئة إزالة الشئ عما كان لازما له، لان النفس امارة بالسوء اي تنازع إلى السوء، فلست أبرئ نفسي من ذلك، وان كنت لا أطاوعها فيما نازعت إليه، والامارة الكثيرة الامر بالشئ، والنفس بهذه المنزلة لكثرة ما تشتهيه وتنازع إليه مما يقع الفعل لأجله، وهذا مجاز في الأصل غير أنه كثر استعماله في العرف، فيقال نفسي تأمرني بكذا وتدعوني إلى كذا من جهة شهوتي له، والا فلا يصح ان تأمر الانسان نفسه، لأنه يقتضي الرتبة، لأنه قول القائل لمن دونه (افعل) وذلك لا يصح بين الانسان وبين نفسه، وأكثر المفسرين على أن هذا من قول يوسف. وقال أبو علي الجبائي هو من كلام المرأة. وقوله " الا ما رحم ربي " استثناء من الأنفس التي يرحمها الله، فلا تدعو إلى القبيح، بان يفعل معها من الألطاف ما تنصرف عن ذلك. وقوله " ان ربي غفور رحيم " تمام الحكاية عن قائل ذلك أنه اعترف بان الله تعال غفور رحيم اي ساتر عليهم ذنوبهم رحيم بهم بان يعفو عنهم ويقبل توبتهم.